قرابين حماس

ت + ت - الحجم الطبيعي

سقط 14 شاباً مضرجين بدمائهم قبل أن يصلوا إلى الساتر الترابي الذي يتمدد خلفه عشرات القناصة من جيش الاحتلال الغاشم، وأصيب أكثر من ألف شخص، ضحية خطابات غررت بهم.

ما حدث يوم الجمعة، جريمة ضد الإنسانية، ارتكبتها إسرائيل، وشاركت فيها وحرضت عليها حركة حماس، فالدفع بالشباب نحو الموت دون ثمن أو نتيجة ترجي، يعتبر جريمة، وأياً كان الاسم الذي وضع على اليافطات المغشوشة، لا يغير النتيجة المتوقعة، إنه فعل يشبه الانتحار الجماعي، بل هو كذلك فعلاً، فهؤلاء الشباب ثروة أهدرت من أجل إثبات غرور بعض المتاجرين بالقضية الفلسطينية.

بحثت في مقاطع الفيديو التي سجلت أحداث المعركة غير المتكافئة، منذ بدء تجمع الشباب في الحقول المكشوفة، وحتى تقدمهم نحو الساتر الترابي، لم أرَ أحداً من قادة حماس هناك، اختبأ «هنية» وعصابته التي تقتات على مآسي شعبها، كانوا يتابعون الأخبار على مواقع التواصل، ويباركون همة الشباب، وهم منشغلون بولائم الجمعة، ولم نسمع من بين النداءات صوتاً إخوانياً، غاب الجلباب وحلقت اللحى، فقط أبناء غزة الشرفاء، أولئك الذين تربوا على الانتماء للأرض، أولئك هم الذين سقطوا، بعد أن تم شحنهم بالشعارات الزائفة، حتى أولاد هنية، وكل الذين يسمون أنفسهم قادة للقطاع، لم ترد أسماؤهم ضمن قوائم الشهداء والمصابين، هؤلاء أيضاً كانوا يؤدون الواجب في استقبال الضيوف المتدافعين نحو ولائم الجمعة.

ما حدث يوم الجمعة، لم يكن «مسيرة عودة»، بل هي «مسيرة موت»، فالمحتل الغاصب، لم يكن يوماً من الأيام رحيماً ومتساهلاً، حتى مع التصرفات الغبية للقيادات التي تتغذى على رائحة الدم، إنه عدو مستبد، لم يرحم امرأة، ولم يتعاطف مع كهل، ولم يبرر في يوم من الأيام اندفاعة المراهقين من الأولاد أو البنات، ولم تنفع معه الصدور المكشوفة، والقضية الفلسطينية لم تستفد من البكائيات التي تملأ عشرات المجلدات، والضمائر ليست مستعدة للانتعاش من أجل شباب تضحي بهم قيادات فاسدة.

مجلس الأمن لم يفعل شيئاً، ولن يفعل، فهناك مبررات كثيرة تستخدم من أجلها «فيتوات» الكبار، والمياه الراكدة تحركها الإرادة الصادقة، وليس التضحية بأرواح شباب في عمر الورد، إنهم ليسوا قرابين حماس وغيرها.

Email