العقل ينتصر في كوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل نحو شهرين كانت أزمة الصواريخ الكورية الشمالية تنذر بحرب مدمرة، واليوم نرى انفراجة غير متوقعة بلغت حد الإعلان عن قمة بين الرئيس الأميركي، ورئيس كوريا الشمالية في شهر مايو المقبل.

تسارعت الخطى، وخلال ثلاثة أيام فقط استطاع موفد كوريا الجنوبية أن يفاوض في الشمال، ويذهب إلى واشنطن برسالة يقال إنها تتضمن تعهداً بوقف التجارب النووية والصاروخية، ولم تضع إدارة الرئيس ترامب شروطاً مسبقة، وإن صدقت المعلومات وعقدت القمة، وتم التزام كيم جونغ أون بتعهده، يكون الرئيس ترامب قد حقق ما عجز عن تحقيقه رؤساء الولايات المتحدة طوال عقود من الزمان، وهذا نصر له تجاه كل الذين يشككون في قيادته مع أولئك الذين يتفننون في حفر الحفر لإعاقته عن أداء مهامه، ابتداء من قضية التدخل الروسي في الانتخابات، وانتهاء بالتشكيك في ولاء العاملين معه، مروراً بسلامة القرارات التي يتخذها.

كان ترامب قادراً على اتخاذ قرارات حازمة، وحاسمة مع كوريا الشمالية، خاصة بعد التهديد بضرب المدن الأميركية، وكان يملك القوة والمقدرة على تدمير كوريا الشمالية خلال ساعات، وهي ساعات كافية لأن تدمر كوريا الشمالية مدناً وقواعد في الدول المحيطة بها، والوصول إلى أوروبا وأميركا، وإشعال أول حرب نووية دولية، ولكنه- أي ترامب - تجنب كل ذلك، ولجأ إلى الحل الدبلوماسي، فكانت النتيجة المنطقية التي أعلنت يوم الأول من أمس، لتثبت أن الرئيسين لا يسعيان إلى الدمار.

هذا الذي حدث مع كوريا الشمالية يدعونا إلى النظر في كل أزمات العالم، خاصة أزمات منطقتنا المسماة بالشرق الأوسط، فالواضح أن كبار العالم عندما يريدون سلماً يفرضونه على الجميع، ففي شرق آسيا لاعبون ومحرضون، تماماً كما هو عندنا، في سوريا واليمن وليبيا والبحار المحيطة بنا، ومن استطاع أن يلجم قوى شرق آسيا فسوف يستطيع أن يلجم القوى المتلاعبة في الشرق الأوسط، ولا يكون طرفاً في التلاعب، ولا يسمح لحلفائه الأوروبيين بمغازلة إيران، من أجل صفقات سلاح أو تطوير حقول نفط، ولا تُترك روسيا بطيرانها تدفن الأبرياء تحت أنقاض بيوتهم، ولا يزيد نار فلسطين حطباً من أجل أصوات انتخابية.

Email