يريدون الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك نظام ملالي تتصارع أجنحته، وهناك شعب إيراني يرفض التهميش والبقاء في معزل عن مستجدات الأمور في بلاده.

كان الصراع بين مراكز القوة في طهران خفياً، لا يراه غير الموجودين داخل تلك الدائرة الضيقة التي تحكم، وكانت وجوه تبرز من العدم مقابل وجوه تختفي دون سابق إنذار، مع بروز تحالفات بين الطامعين في السلطة ومغرياتها، وسقوط تحالفات استهلكت وانتهى دورها، أما اليوم فإن الصراع أصبح علنياً، والاستقطاب بات واضحاً.

كبيرهم مريض، وقطع الدومينو تنتقل من خانة إلى أخرى، فهذا صراع على منصب «الولي الفقيه» والمرشد الأعلى للثورة وللجمهورية، المحرك والموجه للفتنة المذهبية التي عمت العالم الإسلامي منذ أن جاء المعممون إلى الحكم وجلسوا على عرش الطاووس، الحوزات تمتلئ بالطواويس، هم أنتجوا أباطرة واستبدلوا بالشاه عشرات من «الشاهات» وصبغوا الكرسي بصبغة دينية ابتدعوها.

ولهذا يريدون أن يرتّبوا الأوضاع قبل أن يرحل الآية الكبرى، كل واحد من الذين يتصارعون اليوم يعتقد أنه يصلح في ذلك المكان، وأول الطامعين حسن روحاني، فهو يضع العمامة على رأسه، وهذه تذكرة العبور نحو الأمام، ولكن أهل «مشهد وقم» لهم رأي آخر، هم حماة المحافل السرية، وأصحاب الأذرع الطويلة، وقد بدؤوا يأكلون بعضهم بعضاً، ومن سيفوز سيخلف خامنئي.

لذلك الغرض استغل الشعب الإيراني، فأخرج من قمقمه ليسقط المنافسين من عاصمتهم الدينية، من «مشهد» أشعلت الشرارة، فكبرت وانتشرت، وخرجت عن السيطرة، الشعب له مطالب، وقد حان وقت طرحها، ليس من أجل نجاد وروحاني وجنتي وخاتمي، بل من أجل كل الذين سرقت أحلامهم قرابة أربعين عاماً، هم يريدون تغييراً، فقد تعبوا من الشعارات، فلم ينالوا منها غير الجوع.

ومنعهم من التفكير والتطلع نحو المستقبل، جعلوهم حطباً للنار التي يشعلونها، منذ حرب العراق التي راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل وملايين من المشوهين والعاجزين على مدار ثماني سنوات، إنهم يستغلون الفرصة اليوم، ويقولون لكل المتصارعين نريد دولة، ونريد قيادة، ونريد أن نتنفس دون خوف، لا «باسيج»، ولا حرس ثوري، ولا عمائم تخفي تحتها الظلم والبطش وسلب الحقوق.

 

Email