صاحب الأمر مأمور

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الواضح أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لا يدير الأمور في بلاده، فهذا الرجل يبدو أنه «مغلوب على أمره»، وأن خيوطاً كثيرة لم يُسمح له الإمساك بها وجمعها بين يديه، وهناك من يحسب له أنفاسه قبل كلماته وتصرفاته.

قبل القطيعة تحدث الأمير إلى بعض أعوانه في مكان خاص أو جلسة خاصة، ونشر رأيه في وسائل الإعلام القطرية الرسمية، وأحدث ذلك صدمة لدى دول الجوار، ودافع القطريون في مواقع التواصل عن رأي أميرهم، وتطاولوا على كل الأشقاء، واختفى الأمير.

وبعد ثلاثة أيام قيل إن وكالة الأنباء القطرية تعرضت للاختراق، فتحول المغردون إلى البحث عن المخترق، وكأنهم قطيع تقوده كلمة إلى اليمين وكلمة أخرى إلى الشمال، ودليله عبارات بذيئة خارجة عن الذوق والأخلاق والآداب العامة، وبحثوا عن شماعة يعلقون عليها تضارب المصالح والمواقف في قطر، ولم تنفِ حكومتهم تصريحات أميرها.

وبعد أن أعلنت المقاطعة من الدول الأربع، بعدها بعدة أيام صمت تميم، وعندما أراد أن يتكلم في مؤتمر معلن عنه، وبعد عدة إشارات بالاستعداد لنقل تلك الكلمة مباشرة، والتنويه من المذيعين في القناة الرسمية لتلفزيون قطر، ومقاطعة الإخوانية «بن قنة» حديث أحد ضيوفها للانتقال إلى كلمة الأمير، لم نسمع غير السلام منه، وقطع الإرسال بعد أن كتم صوت الأمير واختفت صورته من الشاشة.

مُنع صاحب الأمر من التحدث علناً بأمر من غيره، ولم يتحدث أحد في قطر عن إهانة الأمير على الهواء مباشرة، فقد كان الفعل أكبر من أن يُخاض فيه، ودُفنت التفاصيل المخجلة خلف دقات طبول المرتزقة، وغاب تميم لأسابيع حتى ظهر في خطاب مسجل ومراجع ومراقب، ولا يحمل جديداً.

بعد منتصف ليل الجمعة الفائتة اتصل تميم بالأمير محمد بن سلمان، وأعلنت السعودية رسمياً خبر الاتصال، بكلمات موزونة ومنتقاة بحذر وعناية، فيها تقدير، وفيها احترام، وفيها حفظ للمكانة وللكرامة، واستقبل الجميع ذلك الخبر بسعادة، وتوالت التصريحات المرحبة بما دار خلاله، وبخلاصته التي فتحت نافذة الحوار في جدار الأزمة المستمرة لأكثر من ثلاثة أشهر، وبعد قليل نسفت وكالة الأنباء القطرية تصرف أمير قطر الإيجابي ببيان يعكس مجريات الحدث، ويقلب الحقائق، واختفى تميم مرة أخرى!!

يبدو أن صاحب الأمر مأمور.

Email