أذان واستيطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل مئة عام بدأت المؤامرة الدولية على فلسطين، بلفور أطلق وعداً، والوكالة الصهيونية موَّلت الهجرات، وحكومات سلَّحت العصابات، وقامت إسرائيل في عام 1948 بعد أن ارتكبت المجازر، وشردت شعباً، وسرقت أرضاً.

قبل ذلك كانت فلسطين رمزاً للتعايش والتسامح، كان المواطن المسلم يجاور المواطن اليهودي ومعهما المواطن المسيحي، وكانوا يتحدثون لغة واحدة، ويحملون هموماً واحدة، ولهم تطلعات مشتركة؛ قلوبهم متآلفة منذ أن حررها صلاح الدين من بقايا الحملات الصليبية، رحل الأوروبيون وبقي العرب الفلسطينيون، حتى جاء الانتداب البريطاني واختفت الدولة الإسلامية، كان الفلسطيني صاحب الأرض، سواء ذهب إلى جامع أو كنيسة أو معبد، كان السائد في فلسطين ذلك القول الشهير «الدين لله والوطن للجميع».

وها نحن في العام 2017، وبعد حروب كبرى وصغرى، بدايتها عشرينيات القرن الماضي، ونهايتها ضرب غزة قبل عامين أو ثلاثة، مروراً بثورة القسام في 1936، وحرب 1948 و1956 و1967 و1973 و1978 و1982، وما زالت فلسطين موجودة، وما زال شعبها موجوداً وعن حقه يذود، يقتلع الزيتون، وتهدم القرى، وتبنى المستوطنات، وتمتلئ السجون، وتتسع المقابر، وفلسطين لا تموت، شعبها حي، لا يلتفت نحو سلطة ترهلت قبل أن تحكم، ولا يتباكى على منظمة أو حركة تحرير فرقتها الخلافات والأطماع.

مناسبة الحديث عن فلسطين زيارة رئيس وزراء إسرائيل إلى الولايات المتحدة؛ نتنياهو عند ترامب، ذهب ليبارك للرئيس الجديد، وربما ليطلب مزيداً من الدعم وهو يحمل معه ثلاثة مشاريع مخزية؛ الأول «تشريع سحب الأراضي لبناء المستوطنات»، والثاني منع الأذان في المساجد، والثالث «الإعلان الرسمي عن عنصرية إسرائيل باعتبارها دولة يهودية».

ولن أسبق الأحداث، وأحلل مواقف ترامب المتوقعة، فتلك قضية تحكمها السياسة، والسياسة متبدلة ومتغيرة، ولهذا سأتحدث عن الثابت، ذلك الذي لا يملكه نتنياهو أو ترامب أو بلفور لو عاد من جديد، وهو أن الأذان لن يغيب عن أرض الرسالات، ولو اضطر كل فلسطيني لأن يؤذن في الشارع فسيؤذن ويسمع العالم نداء الحق، والمستوطنات في النهاية ستعود إلى أصحاب الأرض، وفلسطين لم تكن ولن تكون حكراً على دين، ستبقى وطناً لكل من آمنوا بالله الواحد ورسله.

Email