أثاروا الرعب في الخليج، أطلقوا تهديدات، ثم أرسلوا الصواريخ، بضع ساعات كانت بطول دهر من الزمان، وتشابك القلق بين العواصم والبوادي، أهل هنا، وأهل هناك، وصديق معلق في السماء، طائرته تبحث عن مطار يستقبلها، وخوف يعم الجميع، والهواتف لا تتوقف عن البحث والتقصي والمتابعة والسؤال، وشاشات التلفزيون تبحث عن «الإشاعة» قبل التأكد من الأخبار، ومحلل إسرائيلي في قناة عربية يعبر عن سعادته، ومحلل إيراني يقول، إن من حق بلاده الانتقام من أمريكا على أراضيكم في قناة أخرى، وبيان من «مجمع» تجاوز مع قادته كل الأعراف، وطلب من الذين يضربهم بالصواريخ والمسيرات «عدم الزعل»!
عبث يتلوه عبث، من أشخاص أو إدارات أو أنظمة يديرها عابثون، مستهترون، يشيعون الفوضى، يؤذون مشاعر الناس، وينشرون الخوف، ويلعبون بالنار ليستروا ما انكشف من الأستار البالية، التي كانت تغطيهم!
دروس نتعلم منها، رغم قسوتها و«جهالة» أصحابها، عندما تقتل الحكمة يسود الجهل، ويصبح الجاهل أستاذاً، و«يا ويل» عالم تأخذه تصرفات شاذة عن كل القواعد إلى وضع شبيه بما مرت به منطقتنا مساء الاثنين، فما حدث بعدها علمنا درساً لا ينسى، ولن يغيب عن البال أبداً، وكأننا في بدايات حياتنا، يوم كان الدرس الصعب مصحوباً بالعصا التي يحملها المدرس!
لا والله، إن ما حدث بعد «الإرهاب» الصاروخي لم يكن ناتجاً عن «حنكة سياسية»، فالسياسة لم تكن في يوم من الأيام منحدرة إلى هذا المستوى الذي وصلنا إليه، فقد كذبناه عندما قرأنا تهنئة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في الأخبار العاجلة بعد دقائق من إحباط الهجوم الصاروخي على قطر، خاصة أن الثقة بعد أحداث الاثني عشر يوماً وصلت إلى الصفر، شككنا، ولم نبالِ به، حتى فسر ترامب ماذا يقصد عندما قال «أهنئ العالم.. حان وقت السلام»، وأعلن عن اتفاق وقف إطلاق النار!
لماذا؟ سؤال مشروع.