كلهم خاسرون

وسنسأل عن العقل والحكمة والحنكة مع كل طلعة جوية لصاروخ أو مسيّرة أو قاذفة للموت.

لن نيأس ما دامت الأرواح تُزهق شرقاً وغرباً، ولن نصمت ما دام قلمنا قادراً على إخراج ما عجزت عنه الألسن، وأبت عن البوح به نفوس هالها ما ترى.

ولن نصفق للمغرورين، ولن «نطبطب» على ظهور الذين غشّتهم قوة زائفة، ولن نشيد بأي فعل جبان لفاقد الأهلية في القيادة وإدارة الدول.

نحن نقف أمام مشهد أبطاله مجموعة من «الأراجوزات»، خدعتنا أشكالها، وألوانها المستوردة من السيرك، ولن نضحك على ما يقولون، لأن ما يقولونه كلام فارغ، ولن نشجّع ما يفعلون، لأن ما يفعلونه مستعار من المجانين، فهذا الذي يحدث جنون القرن الحادي والعشرين، جنون المتحضّرين الذين خدعونا بالتقنيات الحديثة، فإذا بتقنياتهم تخصص للدمار والموت والاستبداد.

كلهم، دون استثناء، الضارب والمضروب، والفاعل والمفعول به، والمهاجم والعاجز عن المواجهة، الخائف والسعيد بإنجازاته، المختبئ في الملاجئ المحصنة، والذي لا تحميه خيمة من قذيفة موجهة، صاحب الخريطة الجديدة للمنطقة، وصاحب المخطوطة البالية التي تتحدث عن زمان غابر، كلهم، ودون استثناء فاقدو الرشد والعقل، حتى ذلك البعيد الذي يعتقد بأنه وبلاده في أمان، تفصلهم بحار ومحيطات، ومتى شاء ركب ظهر «B2» ليغزو وهو يردّد «مكرّ مفرّ» لحظة الهرب والاختباء، حتى هذا لن يذوق طعم الاستقرار بعد الفوضى التي شارك في نشرها.

هذه حرب مجنونة، يديرها من فقد أوّليات الطباع البشرية، ومكونات النفس الإنسانية، من تشابكت أمراضهم المزمنة، وحملتهم أحقادهم إلى متاهات دخلوها بإرادتهم، ولن يخرجوا منها سالمين غانمين، فهم الخاسرون، من يطلب التوسّع إرضاء لرغباته، ومن لم يصدق أنه أصبح يدير أكبر قوة في العالم، ومن كان ضحية لأطماع الهيمنة والسيطرة ببضعة صواريخ!