لا شكر على واجب يا تيتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أتصور أنه لو حدث لقاء بين مدرب المنتخب البرازيلي تيتي وبين الرجل العربي، لكي يقول له شكراً على صنيعه الإنساني، فسوف يرد عليه العربي الشهم بقوله: «يا سيدي لا شكر على واجب».

والحكاية بدأت عندما رأى ذلك العربي البسيط المتوشح بعلم فلسطين وهو يسير ضمن جماهير المونديال في أعقاب مباراة البرازيل الأولى، امرأة تحمل طفلاً صغيراً على كتفها وتجر طفلاً آخر في يدها في رحلة الذهاب مشياً من الملعب إلى محطة المترو، فما كان منه إلا أن عرض عليها المساعدة بحمل الطفل النائم للتخفيف عنها، ولا سيما أن المشوار لم يكن قصيراً، وبالفعل حدث ولم يتركها إلا بعد أن استقلت المترو، لم يكن الرجل يعرف أن هذا الصغير الذي حمله هو حفيد المدرب البرازيلي الشهير تيتي، فهو قام بواجب المساعدة، كما يفعل كل إنسان عربي شهم، وما أكثرهم في بلاد العروبة، من محيطها لخليجها، ولم يكن يعرف أن هناك كاميرات سجلت هذه اللحظة الإنسانية، ولم يكن يعرف أيضاً أن هذا العمل البسيط العادي سيتحول إلى مقطع فيديو يلف الكرة الأرضية، ولا سيما في البرازيل، وأنه سيصل إلى جد الأولاد المدرب تيتي، الذي أثر فيه الفيديو وصنيع الرجل العربي، والذي تمنى أن يقابله ليوجه له الشكر، ويعبر له عن امتنانه وتأثره، لما فعله مع حفيده الصغير النائم.

وإذا كان لنا من تعقيب فنقوله دون شعور بالترفع للمدرب البرازيلي الكبير تيتي: يا سيدي هؤلاء هم العرب، وهذه هي ثقافتهم وعاداتهم، لم يأتِ الرجل الفلسطيني بجديد، فهذا هو حاله، وحال السواد الأعظم من بني جلدته، لقد نشأوا وتربوا وترعرعوا على مساعدة الغير ومشاركتهم، والعطف والرحمة.

كلمات أخيرة

* هذا وذاك من محاسن المونديال الذي يقام لأول مرة في بلد عربي، فالتواصل الإنساني سوف ينتصر، ومعدن الإنسان العربي لا يريد استئذاناً ولا يبحث عن كلمة الشكر، ونقولها لتيتي نيابة عن العربي الملفوف بعلم فلسطين، والذي لا يزال يبحث عن وطنه، وحقه في أن يعيش كريماً مثل سائر البشر، منذ أكثر من خمسين عاماً ولم يمل لا شكر على واجب.

Email