إلا الجماهير!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تظل الجماهير دوماً في عالم الرياضة على وجه العموم بمثابة الوقود الذي يعطيها الحياة، وفي كرة القدم خاصة باعتبارها اللعبة الشعبية الأولى لا يمكن أن تتصور مدرجات ملاعبها بلا جماهير، فهم النبض، وهم الأنصار، وهم بهتافاتهم وأهازيجهم يفجرون طاقات اللاعبين، ويحفزونهم على الانتصار، إنهم صناع الفرح والبهجة في لحظات الفوز، وهم المنكسرون والمتألمون عندما لا يأتي. نعم، الجماهير هي العنصر الوحيد المرتبط دوماً بكيانات الأندية، المنتمي والمتعصّب لها، رباط مقدس يتجدد مع الأجيال ولا ينتهي، ولا يتوقف مدده، مهما كانت النتائج ومهما كانت المتغيرات.

كان اللاعبون كذلك أيضاً في زمن الهواية، ولاء بلا حدود لأنديتهم، غير أن المشهد تحول كلياً في زمن الاحتراف الذي أصبح ولاء اللاعب فيه للمادة، فهو يتنقل من ناد إلى آخر سعياً لكسب العيش والثراء، ولا يكون الانتماء إلا لمن يدفع أكثر! وإذا كان هذا هو حال اللاعب في زمن الاحتراف، فإن حال المشجع لم يتغير ولم يتبدل، فأموال الدنيا لا تغير عقيدته ولا انتماؤه ولا حبه وتعصّبه لناديه!وأتساءل: هل يدرك بعض اللاعبين هذه المتغيّرات؟ هل يعرفون مدى حب الجماهير وارتباطها الأبدي بناديها؟ هل يعرفون مقدار الحزن الذي يصيبها عندما تخسر، هل يعلمون أنها صانعة النجوم، وأنها هي التي تعطيهم الاسم والشهرة والجاه والمال؟ في الحقيقة أصبحت في شك! فلو كانوا يعرفون لما وضع أحدهم أصابعه في أذنه، لكيلا يسمع صيحات الغضب، ولما وضع آخر إصبعه أمام شفتيه، ليسكتها! لو كان يعرف لما اشتبك معها بالألفاظ، وهي تعبر عن غضبها!

وفي المقابل هناك من يعرفون ويقدرون، إنهم الذين يعرفون أصول اللعبة، ويعرفون قيمة الجماهير وقدرها، أتذكر الآن عمر عبد الرحمن في مباراة العين، فريقه السابق، والجزيرة فريقه الحالي، عندما هاجمته الجماهير بعنف، لكنه لم يرد، ولم يحرك ساكناً، وعندما سألوه بعد نهاية المباراة قال «جماهير العين على رأسي، فهي التي صنعتني»، وأتذكر أيضاً النجم البرازيلي الشهير نيمار وجماهير فريقه باريس سان جيرمان، التي تهتف ضده مستهجنة كلما سجل لها، لأنه حاول يوماً الرجوع لبرشلونة فريقه السابق، لكن نيمارالمشاغب، قدّر مشاعر الجماهير، ولم يحرك ساكناً!

 

كلمات أخيرة:

الجماهير في كل مكان تحركها المشاعر، فرُبَّ فرصة سهلة يضيعها اللاعب الذي كان نجماً، في آخر ثانية، تتسبب في ضياع لقب!

إلا الجماهير، فالاشتباك معها ينذر بنهاية مشوار!

Email