كل عام وأنتِ بخاطري

ت + ت - الحجم الطبيعي

هو يوم ليس ككل الأيام، هو وطن ليس ككل الأوطان، حتى شهر ديسمبر بأكمله لم يصبح مثل كل الشهور.

هو احتفال من بعيد، فقد كنت أقرأ كثيراً لأصدقائي الكتاب الإماراتيين، وأنا بينهم سنوات طوال مقالات في حب مصر، كان يلفت انتباهي العنوان الذي كان يؤثرني دائماً «مصر التي في خاطري»، والآن بعد أن غادرت مخيراً لأنها سنة الحياة، تقديراً للعمر الذي يتسرب دون أن تشعر، وبعد أن ابتعدت بجسدي عمن أحب، فأعترف أن الروح ما زالت هائمة ومشتاقة للبشر والحجر معاً، وأجد نفسي أكتب عن الإمارات في يومها الوطني وأنا بعيد، نفس ما كانوا يكتبون عن مصر وأنا قريب، نعم هي «الإمارات التي في خاطري».

هي شهادة عابر سبيل، فمهما كان المشوار طويلاً وحافلاً أشعر الآن أنه قصير، فقد كنت متيماً بالإمارات القديمة البسيطة عندما ذهبت، تماماً مثلما كنت فخوراً بالإمارات الحديثة عندما رحلت، فبين هذا وذاك رحلة حافلة لا يعرف حقيقتها إلا من عاصر وعاش، فليس من رأى كمن سمع!

رحلة كتب أحرفها الأولى المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه وإخوانه حكام الإمارات في الثاني من ديسمبر من العام 1971، رحلة رعوها حق رعايتها، فأصبحت الدولة الجديدة تنمو وتزدهر، تسابق الأزمان وتتحدى المستحيلات، حتى أصبحت بعقولهم وسواعدهم، هم وأبناؤهم وإخوانهم، علم يشار إليه بالبنان في كل أوساط الدنيا، نموذجاً لدولة حديثة، ضربت كل الأرقام القياسية نمواً وازدهاراً واستقراراً وأمناً.

صباح الوطن الجميل يا إمارات، يا من كتبت على الماء جزيرة النخيل، وشيدتِ في أعالي السحاب برج خليفة، ولم تكتف بالأرض فذهب أبناؤك إلى الفضاء في مشهد خيالي.

صباح الوطن الجميل الذي يرقى بالإنسان والمكان، ويعيش في كنفه الكل، أبناء البلد والمقيمون والزوار في سلام وأمان.

صباح الوطن الجميل، الذي آمن بالتميز والخلق والإبداع، صباح البلد الذي أصبح من أكثر دول العالم تنافساً كمنهاج حياة.

ستظل تجربة الإمارات تجربة دالة محيرة مثيرة ملهمة، تجربة تحكي للأجيال كيف كنا وكيف أصبحنا في غمضة عين.

كلمات أخيرة

إنه الإيمان بقدرة البشر عندما يحبون ويخلصون، إنهم القادة الذين عاشوا لبلدهم وشعوبهم، نعم أحتفل من بعيد، وأشعر بالفخر عندما أجد حفيدي «يوسف»، الذي لا يزال هناك يتوشح بالعلم، ويهتف بالنشيد في يوم الوطن، تماماً مثلما كان يفعل جده، نعم، هي الإمارات التي بخاطري، وخاطر كل من يعيش على أرضها الطيبة.

Email