هذا ما يحتاجه دورينا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسجيل الأهداف هو ما يسعى إلى تحقيقه اللاعبون في أي مباراة من مباريات كرة القدم، فالأهداف هي التي تلهب حماس الجماهير، وتتفاعل معها حناجر المعلقين، وكلما اقتربت الكرة من المرمى ازداد المدافعون بسالة في الدفاع عن مرماهم، وازداد المهاجمون تركيزاً وإصراراً على إحراز الهدف، وبالتالي ينتقل كل هذا التركيز والبسالة والإصرار ليجعل المنافسة أكثر حدّة، والمشاهدة أكثر متعة، ولو تأملنا تعابير وجوه اللاعبين والجماهير ورصدنا ردود أفعالهم لحظة تسجيل الأهداف، لأدركنا أن تسجيل الأهداف هو السر خلف عشق الجماهير الكبير لهذه اللعبة، ولكن ما علاقة هذه المعلومة التي لا تخفى على أي أحد بما نحتاجه لتطوير أداء لاعبينا ودورينا؟

الحقيقة أن تراجع مستوى دورينا يكمن خلف غياب الأهداف الفردية للاعبين، ولا أعني بذلك الأهداف التي يسجلها اللاعب داخل المستطيل الأخضر، ولكنها الأهداف التي يتنافس اللاعبون للحصول عليها خارج الملعب، من خلال إثبات أحقيتهم بالحصول عليها بما يقدمونه من أداء داخل الملعب، وقد برع الإنجليز في صناعة هذه الأهداف للاعبين، فهنالك الكثير من الجوائز التي يسعى لتحقيقها اللاعبون في بطولة البريميرليغ، بعضها من صنع اتحاد الكرة الإنجليزي، وبعضها من تنظيم القنوات الإعلامية والصحف والمجلات، والبعض تنظمه الأندية لأفراد الفريق، ويقوم الإعلام الإنجليزي بتغطية هذه الجوائز حتى لا تفقد قيمتها المعنوية في نفوس اللاعبين، ويثني الرياضيون على الفائزين ثناءً يصفه البعض بالمبالغة، ولكن هذه المبالغة هي من صنعة من البريميرليغ أفضل دوري في العالم، وهي التي دفعت اللاعب الفرنسي تيري هنري لأن يقول إن البريميرليغ أصعب وأغلى بطولة في العالم، هذا وقد حقق الفرنسي كأس العالم قبل هذا التصريح. 

المغزى من هذا الحديث أن كرة القدم هي وظيفة اللاعب، وكلنا يعلم أن المال وحده لا يكفي لتحفيز الموظفين، فلابد من الترقيات وشهادات التقدير وغيرها من أنواع التحفيز التي تدفع الموظف للإبداع، فإذا قام اتحاد كرة القدم وبعض القنوات والصحف والمجلات بابتكار جوائز فردية ليتنافس عليها اللاعبون خارج الملعب، ويشارك الجمهور والخبراء الرياضيون في الاستفتاء لتحديد اللاعب المستحق، سيكون ذلك أكبر دافع للاعبين ليرفعوا من مستوياتهم، مما سيرفع من أداء أنديتهم، وبالتالي سيرفع ذلك من الأداء العام لبطولة الدوري.

 وماذا إذا حصد الجوائز لاعبون من الفرق الهابطة إلى دوري الدرجة الأولى، ليعلم الجميع بأنهم جزء من المسابقة، وأن وجود اللاعب المتميز ضمن فريق غير منسجم لا يعني بأنه خارج المنافسة، وأن الجميع لديهم الأمل لتحقيق هذه الأهداف الفردية، فالأهداف هي المحرك الأول والأخير للاعبي كرة القدم، وفقدان الأمل في الحصول على التقدير الفردي قد يؤثر سلباً على اللاعبين، كما حصل لمجموعة من لاعبي هذا الجيل عالمياً، عندما كادت أن تكون الكرة الذهبية حكراً على لاعبين اثنين فقط، مما أثر على مستوى كرة القدم عالمياً، فعلينا أن ننظر إلى موضوع تحفيز اللاعبين بعين الاعتبار، واستشارة الخبراء النفسيين في تحديد كيفية التعامل مع اللاعبين أمر مهم، وبالنسبة لعقلية اللاعبين التي اعتادت الجري خلف الأهداف الملموسة، علينا أن نحفزها بأهداف ملموسة خارج الملعب، فلدينا مواهب بحاجة إلى التحفيز لا أكثر.

Email