كلمتي

الصحة الذهنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما نطالب الرياضي (أي رياضي نجم وصاحب إنجازات) بتحقيق الألقاب والميداليات والكؤوس فنحن حتماً نضع فيه ثقتنا وآمالنا وطموحاتنا وأيضاً نضع عليه عبئاً وثقلاً كبيرين لأنه في النهاية بشر، والبشر ليسوا ماكينات بل هم من لحم ودم وأعصاب ونفسيات ومزاج كلها تلعب دوراً كبيراً في تحقيق الفوز أو في عزم تقديم المطلوب إن كان للفرد أو للمجموعة وأتذكر أن منتخب البرازيل كله تأثر بما حدث لرونالدو قبل المباراة النهائية على كأس العالم 1998 في فرنسا والتي خسرها بالثلاثة وما زالت حقيقة ما حدث لرونالدو سراً لا يعرفه إلا زملاؤه الذين قيل إنهم أجهشوا بالبكاء قبل ساعات من النهائي خوفاً عليه، بل اعتقد البعض أنه سيموت، والثابت أن رونالدو لم يكن بحالته الطبيعية لا نفسياً ولا بدنياً وكان الثمن غالياً وهو كأس العالم.

أما فردياً فالضغوط لا يمكن تخيلها حينما تضع أمة أو شعب كامل طموحه على شخص وهو ما قد يرتد سلباً، إن لم يكن هناك طبيب نفسي أو مدرب حياة أو قريب أو أي شخص مؤهل ليتعامل مع هكذا حالات واردة جداً، ولهذا خرجت اليابانية نعومي أوساكا المصنفة الثانية على العالم والتي أوقدت الشعلة الأولمبية، مبكراً من مسابقة التنس فيما انسحبت النجمة الأمريكية سيمون بايلز وقالتها بصريح العبارة إنها تنسحب حفاظاً على صحتها الذهنية، وقالت ابنة الرابعة والعشرين إنها تشعر «كأن العالم كله ملقى على كتفيها» وإنها قررت الانسحاب حتى لا تعرض صحتها وحياتها للخطر، ما فتح الباب واسعاً للحديث عن الضغوط النفسية التي تصيب النجوم بشكل خاص والمتميزين بشكل عام وما الذي يمكن فعله لتخفيفها وخاصة في بطولات مجمعة ضمن قرية أولمبية حيث الأمور معقدة أكثر من البطولات العادية.

ومن هنا يجب على النقاد أيضاً ألّا يغفلوا هذا الجانب لدى نقدهم لانتكاسة أو خسارة أو سقوط، فلا يوجد رياضي واحد في العالم يلعب ليخسر إلا إذا كان فيه (مشكلة أخلاقية كبيرة) ولا يوجد بطل بذل آلاف ساعات التدريب الشاق لا يهتم حينما يفشل، وإذا شاهدناه لا يبالي فهذا يعني أن فيه علة وليس شخصاً طبيعياً، وبالتالي يحتاج لعلاج أكثر من حاجته للتهجم عليه.

هناك فرق بين الانضباطية وانعدامها التي تؤدي لنتائج سيئة وبين رياضي أو لاعب يتعرض لضغط يُخرجه عن طبيعته ويشتت ذهنه فتسوء نتائجه وتتدهور.

الصحة الذهنية مهمة جداً وأولمبياد طوكيو فتح الباب واسعاً لمناقشتها.

Email