عندما تتآكل الأقلام !!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإعلام تلك السلطة الرابعة التي كانت عبر العصور وما زالت تؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على كل مناحي الحياة، وتمتد لتشمل المجتمع والمؤسسات والأفراد، لذا تبقى رغبة القائمين على تلك المؤسسات الإعلامية ومدى إيمانهم بقدسية العمل الإعلامي هي المحرك الرئيس للخروج برسالة إعلامية سامية وشفافة وترتكز على المصداقية والأمانة..

نعم نفتخر بكل مؤسساتنا الإعلامية في الدولة، ولا يخفى على أحد التحول الإيجابي في الطرح والحوار والكتابة خلال السنوات الأخيرة، متسلحين بالدعم اللامحدود للقيادات السياسية في الدولة لكل المؤسسات والإعلاميين وتأكيدهم على حرية التعبير بما يحقق الصالح العام، وهذه ميزة يحسدنا عليها الكثيرون.

لن أتطرق اليوم لمختلف الوسائل الإعلامية ولكني سأتطرق لأداة إعلامية واحدة فقط، ألا وهي (القلم)، ذلك الذي قال عنه سيدنا علي بن أبي طالب: «عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم»، وقال فولتير: «لا يضيرني أن ليس على رأسي تاج ما دام في يدي قلم»، وهذا إن دلّ فإنما يدل على التأثير القوى للقلم في حياتنا، واليوم يحق لنا أن نفتخر بأقلام صنعت الفارق وتوسدت المصداقية في كتاباتها والأمانة في أطروحاتها، ولهؤلاء جميعاً نرفع لكم العقال احتراماً لهم.

ولأن الجميل لا يكتمل فقد شُوهت تلك الصورة الجميلة بأشخاص امتهنوا الكتابة لمجرد الكتابة وراتب آخر الشهر ومكافأة أسبوعية لمقال أو خبر بغض النظر عن مصداقيته..

أشخاص تناسوا الشرف الإعلامي وتناسوا القيم والمبادئ التي تحرك إعلامنا ووضعوا قاموساً خاصاً بهم يقوم على أساس المصلحة الشخصية وتلفيق الأكاذيب بطريقة مباشرة وغير مباشرة لخلاف شخصي أو تنفيذ أجندة خاصة للآخرين وتآكلت أقلامهم بطريقة تدعو للشفقة..

هنا فقط يحق لنا أن نقول كما قال كريم الشاذلي: «إن القلم الذي يكتب الهدف إن لم يُغمس في محبرة التقوى كان كسره أولى»، وللأسف تلك حقيقة نعيشها مع تحول الأقلام في يد سفهاء كالخناجر في يد الأطفال، وتلك الطامة التي يجب تداركها والعمل على وضع حد لها من خلال انتقاء الأشخاص الذين يحملون ذلك السلاح الجميل، أشخاص يسعون للمصلحة العامة، أشخاص يضعون ضميرهم أولوية لتحقيق رسالة إعلامية لا تشوبها شائبة.

لمثل هؤلاء نقول راجعوا حساباتكم وابتعدوا عن تلك التصرفات الرخيصة، خصوصاً أننا في وقت نسعى جميعاً لتحقيق رؤية دولة تسعى لتحطيم المستحيل، في حين ما زالوا هم في سباتهم وغلّهم الدفين، وتأكدوا أن القلم الحر الصادق ليس بماركته، بل بطريقة طرحه ومصداقيته.

ومن وجهة نظري أرى أن القلم صُنع لكي يضيف شيئاً إيجابياً للحياة في شتى المجالات، ولم يصنع يوماً لتشويه الآخرين واصطناع الأكاذيب، لذا لا تعجب إذا رأيت القلم يوماً أغلى سعراً من حامله.

همسة

«عيْشُ يَوْمٍ واحد كالأسد خَيْرٌ من عيش مئة سنة كالنعامة»

Email