نهاية حقبة ميسي ورونالدو

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يختلف اثنان على أن العصر الكروي الحالي يعد أكثر العصور ندّية وقطبية، فلا أحد يجرؤ على مقارنة أي لاعب بما يقدمه كل من ميسي ورونالدو في أحد أكثر مسلسلات التشويق الكروي على مرّ التاريخ، أرقام ظلت صامدة منذ عرفت الكرة التدوين تهاوت اليوم تحت أقدام عديمي الرحمة، حتى جائزة الكرة الذهبية التي كانت في وقت ليس بالبعيد كحبة الكرز التي توضع على الكعكة، ترصّع بها مسيرة النجوم لمرة واحدة أصبحت ماركة مسجلة باسميهما، 5 كرات لكل واحد منهما في تحدٍّ سافر لقانون الملكية.

وعلى كوكب الأرض هذه المرة، وفي ظل كل هذا العبث بالتاريخ والأرقام، لم تكن الفرصة سانحة لبعض نجوم الكرة الجميلة من صعود منصات الجوائز الفردية، فالاستحقاق لم يعد سؤالاً بل غدا حتمية تاريخية بين يدي جلادين. مرّ الكثيرون من هنا، بيرلو أو مايكل أنجلو الكرة والذي قال عنه غاتوزو: «في كل مرة أشاهد بيرلو يداعب الكرة أتساءل: هل أنا لاعب كرة قدم؟»، نجم إيطاليا الذي تعشق العين رؤيته لا يختلف اثنان على موهبته وعلو كعبه، ومن نفس الطريق مرّ تشافي نجم نجوم برشلونة والمنتخب الإسباني، تمريرات ميليميترية، رؤية غير عادية للملعب، روبن الجناح الهولندي الطائر، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التتويج بكأس العالم لولا القليل من الحظ وهدف الرسام أنيستا الذي كان بدوره آخر المغادرين بعد مسيرة لامعة استحقت عرفاناً أكثر من عالم الكرة.

خلافاً لما يعتقد الكثير، فالاحتكار الذي عرفته الجوائز الفردية طوال السنوات الأخيرة من طرف الدون والبرغوث، والذي ورغم استحقاقيته في مجمل الأوقات، كان في بعض الأحيان على حساب مواهب استثنائية حصدت الأخضر واليابس خلال سنة، وفي الأخير بقيت دون حضور وازن على منصّات التتويج الفردي، الشيء الذي أضر كثيراً بمواهب وجدت نفسها حبيسة نظرية كوكب رونالدو وميسي. والحقيقة أن جوائز مثل الكرة الذهبية تحكمها عوامل أخرى غير رياضية في بعض الأحيان كالمستشهرين والعلامات التجارية الرياضية.

بالفعل لم يتبق الكثير وتنتهي حقبة الكوكب ذي القطبين، ربما ستعود الكرة في السنوات القليلة المقبلة لمكافئة اللاعبين بناءً على ما قدموا دون الرجوع لأولويات أخضعت فيما مضى العديد من التجارب الرائعة لمعايير غير كروية، ما ساهم في نقص المواهب الكروية ذات المستوى العالي القادرة على فكّ الحصار المفروض على عالم الكرة.

ومن قلب الحصار هذه المرة، حيث الدمار والخراب ربما تنبعث أول نسمات الأمل، طفل نحيف آتٍ من حرب البلقان، يملك موهبة قادته رغم الصعوبات لأعلى مراتب التفوق الكروي. بعد البدايات الجيدة، رحل صوب الدوري الإنجليزي، تم استصغاره في البداية، كيف لفتى لا يملك المقومات البدنية الكافية اللعب في دوري الأقوياء، قبل لوكا التحدي، فأصبح أهم لاعب وسط ميدان في بلاد الإنجليز قبل أن تمتد إليه يد بيريز ليصنع أفراح مدريد في حقبة وُصفت بالأزهى في تاريخ الملكي، وبعد الكأس ذات الأذنين، يقود لوكا جيل كرواتيا الذهبي في أول محاولة لتحقيق اللقب العالمي في بلاد الروس، فهل سيفعلها ويكون أول اسم يسحب البساط من تحت أقدام القطبين؟

Email