أذّن الديك فصاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

مباراة فرنسا وبلجيكا كانت دراما ذات فصول حفلت بالكثير من الإثارة ... والدروس أيضاً.

الفصل الأول : على امتداد الشوط الأول استحوذت بلجيكا على الكرة لتحدث خطراً مستمراً أمام مرمى فرنسا إلا أن العداد لا يسجل للأخطر، بل للأنجع ... فالكرة أهداف ولا يفوز باللذة إلا الجسور.

المشهد الثاني: تم وضع مقوماته واختيارات شخصياته بعيداً عن أنظار الجمهور ...فغرفة الملابس كانت فضاءه، حيث تولى المدير الفني الفرنسي ديشامب، الذي ظل طيلة الشوط الأول بلا حيلة أمام انطلاقات هازارد في الجناح الأيسر وتفوقه في الصراعات الفردية على بينجامين بافارد، الذي لم يجد المساندة الكافية من بول بوجبا، وكيليان مبابي، فإنه وفّر ما يكفي من الحلول في الشوط الثاني .

تقاسم منتخبا فرنسا وبلجيكا التفوق على مدار الشوطين، إلا أن الديك أذّن فصاح في النهاية، وفي كرة القدم الأمور بخواتيمها.

تفوقت بلجيكا في الشوط الأول، وكانت الأكثر استحواذاً وخطورة على المرمى، بينما أدار الفرنسيون اللقاء بذكاء، وهو من أهم مفاتيح النجاح في كرة العصر.

ومن الذكاء عدم تخلي ديشامب عن واقعيته، حيث استمر على خطته 4-2-3-1 بعد أن ظل طيلة الشوط الأول بلا حيلة أمام انطلاقات إيدين هازارد في الجناح الأيسر وتفوقه في الصراعات الفردية على بينجامين بافارد.

ومن الدروس المستخلصة هنا أهمية عنصر الصبر.

والحل وفّره ديشامب من خلال اللعب الجماعي ليكون المنتخب الفرنسي متماسكاً، والأفضل، ليجهض كل المخططات البلجيكية، فيما أخطأ المدرب الإسباني في عدم استبدال لوكاكو الذي بدأ بعيداً عن مستواه ومعزولاً بين العملاقين أومتيتي، وفاران في محور الدفاع، وصمم على سلاح الكرات العالية من طرفي الملعب على الرغم من طول قامة لاعبي فرنسا .

والدرس الذي تجدد من خلال وقائع الشوط الثاني أن الأشواط الثانية للمدربين، فالمدرب الفرنسي ديديه شامب تفوق بوضوح كبير وكسب المعركة التكتيكية أمام منافسه الإسباني مارتينيز. ديشماب أغلق كل المساحات أمام الهجوم البلجيكي الرهيب الذي سجل 14 هدفاً في المونديال من خلال الاعتماد على سرعة الثلاثي هازارد، وبروين، ولوكاكو في الهجمات المرتدة السريعة. ديشامب وضع الرسم التكتيكي المناسب وحدّ من نقاط قوة بلجيكا وأجبرها على اللعب السلبي دون خطورة على المرمى.

المشهد الثالث: وأمام تحول السيطرة من الشق البلجيكي إلى الشق الفرنسي حصلت الفوارق إثر ركنية لجريزمان، ارتقى لها أومتيتي برأسه ليسجل هدف التأهل.

المشهد الرابع: شهد العالم بأسره كيف عبرت فرنسا عن فرحتها بالترشح الذي عمّ عموم الفرنسيين من سانت بطرسبيرغ إلى باريس ... لكن فرنسا لم تكسب بعد كأس العالم، فأمامها موقعة الأحد.. وكسبها يمر عبر الإبقاء على القدر نفسه من التركيز، فالديك أذّن وصاح، لكن إقامة الأفراح تبقى سابقة لأوانها مهما كان اسم المنافس.

فالكرة تخطيط ... والنجاح يقتضي التركيز حتى اللحظات الأخيرة من الوقت البديل.

Email