مدربون من زجاج

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال توقف المونديال أمس واليوم.. وفي ظل حصول الأربعة الكبار المؤهلين لنصف النهائي على فترة راحة قصيرة تسبق العاصفة.. توقفت مع نفسي عند المدربين.. وتذكرت مقولة الخبير الراحل عبده صالح الوحش «المدربون أنواع».. منهم من يقود فريقه.. ومنهم من ينقاد لفريقه.. وبين النوعين مسافة طويلة وكبيرة تحتوى أنواعاً أخرى من قادة الملاعب.. وفي المونديال الحالي كان هناك كل الأصناف.. وشاهدنا مدربين يدفعون ثمن أخطاء فرقهم.. ومدربين كانوا ضحايا خطايا الحكام..غير أن النوع الأهم من وجهة نظري المدربون الذين تسببوا في خروج منتخباتهم من المونديال، ولم يكن أحد منهم على قدر المسؤولية على الرغم مما يملكونه من نجوم ومواهب ومهارات كانت كفيلة للذهاب بعيداً في مونديال الروس.

وأتصور أن هناك حشداً من هذا الصنف أخمدوا نيران منتخباتهم بأخطائهم المتكررة، بل منهم من ألقى السلاح مبكراً، وأسهم في استسلام فريقه ورفع الراية البيضاء في مواجهات كان من السهل الظفر بها.. وبدلاً من إحراز الفوز كان الرضا بالهزيمة.. ومن هؤلاء مدربو المنتخبات اللاتينية «ريكاردو جاريكا مع بيرو.. خورخي سامباولي مع الأرجنتين.. خوسيه بيكرمان مع كولومبيا.. أوسكار تاباريز مع أوروغواي.. وأخيراً أدينور ليوناردو باتشي «تيتي» مع البرازيل»، والمصادفة أن غالبية هؤلاء يحملون الجنسية الأرجنتينية، ولديهم خامات رائعة تصلح للعب دور لا يقل عما قدمته المنتخبات الأوروبية.. وأضاع هؤلاء المدربون فرصة المنافسة بمنتخبات ثقيلة تملك نجوماً مهرة.. وارتكبوا أخطاء كثيرة في التعامل مع الخصوم بعدم الحيطة والحذر ظناً منهم أن مهارات النجوم وحدها ستصنع الفارق مع الخصوم.. إلى جانب عدم قدرتهم على التغيير أو حتى قراءة الملعب، وكانت النتيجة في النهاية مونديال بلا ذكرى لا تينية بعد أن خرج الجميع تباعاً بداية من البيرو، وانتهاء بالبرازيل، وكانوا جميعاً مدربين من زجاج.

ولا يختلف «هيكتور كوبر المدير الفني الأرجنتيني أيضاً لمنتخب مصر» عن هؤلاء المدربين، وتسبب هو الآخر في خروج الفراعنة صفر اليدين لانه اخطأ فى التعامل مع اللاعبين وحبسهم خلف قطبان الأداء الدفاعي بسبب عدم إيمانه بقدرات لاعبيه.. وحول نجومه الموهوبين من مهاجمين مهرة إلى مدافعين، بل أرهق بعضهم بغياب المساندة والدعم عنهم، وأظهر نجمه «محمد صلاح أفضل لاعب في الدوري الانجليزي » في صورة المهاجم الفقير بعد أن سهل على مدافعي الخصوم رقابته بسبب غياب المساندة له في أغلب الفترات.. ولا يمكن أن يكون الهدفان المسجلان في مرمى روسيا والسعودية معياراً لقدرات الفريق الهجومية.. وهذا دليل جديد على أن الكرة الدفاعية قد تستطيع النجاح بعض الوقت، لكنها أبداً لن تنجح كل الوقت.. وأعتقد أن هذا المدرب لم يستفد مما لديه من إمكانات بعد أن اختار الاستراتيجية الخطأ في المونديال.. ولو لعب بتوازن دفاعي وهجومي لكان خيراً له ولفريقه!.

في المقابل كان هناك مدربون لم يمتلكوا إلا القليل من الخامة الجيدة، ومع ذلك حاولوا تحقيق أي شيء «مثل الفرنسي هيرفي رينارد، القائد الفني للمغرب، وسيسه مدرب السنغال»، وأعتقد أن كلاهما لم يكن له يد فيما حدث لمنتخبيهما، بل على العكس كانوا ضحية أخطاء لاعبين قليلي الخبرة أضاعوا كل ما أتيح لهم من فرص أمام شباك الخصوم، ومن ثم الخروج من المونديال.. وكلاهما «أي رينارد وسيسه» أبليا بلاءً حسناً في حدود المتاح.. لأن المنتخبين المغربي والسنغالي ما كان لهما أن يعبروا الدور الأول بهذه التوليفة من اللاعبين، التي قيل عنها إنها أفضل الموجود في البلدين!

Email