بلا طموح

ت + ت - الحجم الطبيعي

صحيح أن المنتخب المصري فريق لا يشق له غبار على المستوى الأفريقي.. لكن الفرق بينه وبين السنغال غير المتوج أفريقيا كان شاسعاً وكبيراً أول من أمس في الورقة التكتيكية لكل فريق، والاختلاف الواضح بين خبرة وذكاء المدربين سواء كان «أليو سيسيه» المدير الفني للسنغاليين، أو للأرجنتيني «هيكتور كوبر» القائد الفني للمصريين.

واعتقد أن الأول خاض مباراته الأولى في المجموعة الثامنة بكأس العالم أمام بولندا بعقلية المدرب المتمرس، وتعلم جيداً من دروس الماضي القريب عندما كان يغالي في الدفاع مع الهجوم الخجول، وهو منفتح الخطوط من دون حيطة أو حذر، ما كلفه نتائج لا تليق به في الوديات.. وأدرك من البداية أن اللعب مع المنتخبات الأوروبية يحتاج للشراء أكثر من البيع، بمعنى الهجوم ولكن بحساب.. والطمع في المباراة حين تكون الفرصة متاحة.. والتمهل كثيراً وإغلاق كل الطرق لحين استكشاف عمق المنافس وثغراته.. ومن قبل كل ذلك التأكد من قدراته ورد فعله.. وإن كان باستطاعته، أي سيسيه، الرد المفاجئ فلمَ لا؟!.. إلى أن تسنح الفرصة للكر والفر والتسجيل.. وبالفعل نجح المدرب الشاب في إيقاف خطورة بولندا وأسعد جماهير القارة السمراء بأول فوز أفريقي في المونديال.

واعتقد أن المنتخب المصري كان في حاجة لكي يسير على الدرب ذاته في مباراته الثانية بالمجموعة الأولى، وأن يتعامل مع روسيا بمنطق السنغال مع بولندا نفسه .. لكن للأسف بالغ في ارتكاب الأخطاء ونسي مدربه العجوز أنه يواجه أصحاب الأرض، وبدلاً من استغلال فترات تفوقه وامتلاكه الكرة، في إحراز هدف يريح الأعصاب، وينعش الآمال بتوظيف قدرات لاعبيه الهجومية، صلاح ومروان وتريزيجيه وفتحي والنيني وعبد الشافي، أصر على أسلوبه التقليدي، فجاءت هجماته برداً وسلاماً على الروس، إلى أن دفع الثمن ووقع تحت طائلة قانون كرة القدم الذي لا يرحم.. (إن لم تسجل في مرمى خصمك فانتظر أهدافه في مرماك)، سواء كانت تلك الأهداف ملعوبة أو على شاكلة الهدف الذي نال من شباك (الشناوي) بقدم أحمد فتحي، وكان سبباً في تحول مجرى المباراة وتكرار زيارة الروس للمرمى المصري ثلاث مرات.. وحتى هدف محمد صلاح كان مجرد ركلة جزاء تقل في قيمتها عن ركلة مجدي عبد الغني في مونديال (90) لأن الأخير سجل منها التعادل مع هولندا، بينما ركلة أول من أمس لم تغير من الأمر شيئاً.. فلا فرق في شكل الخسارة إن كانت بفارق هدف أو أكثر، لأنها تبقى في النهاية خسارة!

وأظن (وليس كل الظن سوء) أن المنتخب المصري اكتفى بشرف الوصول للنهائيات، وليس أكثر، دون أن يكون لديه الطموح الحقيقي لترك بصمة في بلاد الروس.. بدليل أنه ذهب إلى هناك بقدرات مدرب لا تخفى على أحد، فكوبر على الرغم من خبرته الطويلة في الملاعب الأوروبية واللاتينية فإنه ظهر وكأنه مدرب غير ناضج، وفلسفته في قيادة المنتخب لم تكن على ما يرام، وعليه الآن أن يجاهد من أجل تحسين الصورة في مباراته الأخيرة أمام السعودية لعله يترك ذكرى طيبة.

Email