مونديالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من السابق لأوانه الحكم على مستوى منتخبات المونديال قبل انتهاء الجولة الأولى من الدور الأول، فأغلب الفرق، وعلى الأخص الكبيرة منها، تحاول إحراز الفوز من أسهل الطرق، وبأقل مجهود، ودون الكشف عن أوراقها طمعاً في مواصلة المشوار نحو أدوار البطولة المهمة.. لكني أرى أن هناك منتخبات قدمت كرة مقنعة إلى حد ما، حتى وإن حرصت على بقاء أسرارها الفنية طي الكتمان من حيث أسلوب اللعب وعناصر التنفيذ، بينما ظهرت منتخبات أخرى بوجه كروي شاحب.

وأعجبني كثيراً منتخبا إسبانيا بطل العالم السابق، والبرتغال بطل أوروبا الحالي، وبدا الاثنان أكثر اتزاناً في خطوطهما الثلاثة في المباراة الأولى بالمجموعة الثانية، ووضح التناغم والانسجام بين الأداء الجماعي والمهارات الفردية لنجوم الفريقين وبالتحديد «رونالدو» صاحب أول هاتريك في المونديال، فضلاً عن لغة التفاهم بين المهاجمين من حيث الانتشار والمساندة والدعم والتسديد وإنهاء الهجمات، وكانت مباراتهما أشبه بنهائي مبكر، وبفضل كل من هييرو قائد الإسبان، وسانتوس مدرب البرتغاليين، اللذين لم يدخرا مجهود نجومهما لمباريات وأدوار قد تكون أهم من مجرد مباراة في مجموعة، لأن كليهما كان يريد أن يثبت جدارته بالصدارة من أول ضربة.. ومن هنا استمتع المتابعون بستة أهداف رائعة في مباراة من الوزن الثقيل.. والحال نفسها مع المنتخب الفرنسي، حيث ظهر بوضع فني واقعي في أولى مبارياته بالمجموعة الثالثة واجتاز أستراليا بأداء ينقصه البريق.. بينما فقد الأرجنتين مصباحه السحري أمام أيسلندا بتعادل باهت، ولم يكن للمهارة الفردية دور في ترجيح كفته عندما عاند الحظ ميسي وأهدر ركلة جزاء كان من الممكن أن تضع راقصي التانجو في المقدمة.. فيما ظهر أبناء «الثلج والنار» بصورة رائعة في أول مشاركة لهم في تاريخ البطولة، وكانت خطوطهم في تناغم واضح، ولم يكن غريباً أو من قبيل الصدفة أن تكون البداية سعيدة لهم، فالأرجنتين لم يكن لديه ما يقدمه، وكانت مشكلاته الفنية بلا حلول، وأظنه يحتاج مجهوداً مضاعفاً إن أراد صدارة المجموعة الرابعة التي خطفها الكروات بالفوز على نيجيريا.

أما المنتخبات غير المصنفة أو تلك التي تملك تاريخاً مونديالياً متواضعاً فأثبتت البداية أن منها من يملك أدوات ومهارات، لكنه لم يحسن استخدامها، وأخص هنا المنتخبات العربية (السعودية ومصر والمغرب)، العائدة للمونديال بعد طول غياب، وكل منهم كانت له ظروف تختلف عن الآخر، سواء في الإمكانات أو في قدرات المنافسين في أول مباراة.. وعلى الرغم من إيماني الكامل بأن عوامل الخبرة والأرض والجمهور كانت السبب في انهيار المنتخب السعودي بالخمسة أمام الروس فإنني أرى أن الخبرة وحدها لم تكن السبب في انكسار منتخب مصر أمام أوروجواي، ولو أحسن كوبر التعامل مع الدقائق العشر الأخيرة من اللقاء لكان من الممكن أن يخرج متعادلاً على أقل تقدير بدلاً من السقوط بهدف مؤلم.. أما المنتخب المغربي فلا شك أنه هزم نفسه، و لو أحسن مدربه رينارد التعامل مع الخصم الإيراني بالتأمين الدفاعي بدلاً من فتح الملعب على مصراعيه لكان في استطاعته تحقيق الفوز، لكن من الواضح أن المغاربة بالغوا في الهجوم دون ترجمة السيطرة الميدانية إلى أهداف، ولما عجزوا عن النيل من شباك إيران نالوا من شباكهم بهدف عكس سير المباراة.

Email