كلام أخضر

المعركة الغامضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأبى دورة «خليجي 23»، إلا أن تكون مختلفة عن أخواتها السابقات في كثير من الأمور، ابتداءً من سيناريو انطلاقتها، والمخاض العسير الذي مرت به، والذي ألقى بظلاله على الساحة الرياضية وغير الرياضية في المنطقة، ومروراً بتفاصيل أخرى داخل الدورة، وليس انتهاءً بواقع المنافسة على اللقب.

الآن، وبعد انزياح الستار عن الدور التمهيدي، وظهور منتخبات الإمارات وعمان والعراق والبحرين، كأبطال على خشبة المسرح، بدأت عملية الترشيحات المبكرة للمنتخبين اللذين سيعبران للمباراة النهائية، بل إن ثمة من قفز، كما العادة، لترشيح البطل، لكن، وعلى غير العادة، لا تبدو حظوظ أي من المنتخبات أوفر من الآخر في بورصة الترشيحات، وهذه من المرات القلائل التي تحدث في دورات الخليج.

اعتدنا في الدورات السابقة، أن يتفرد منتخب أو منتخبان بسباق التوقعات، لخطف الأقل عطفاً على حضوره الفني قبل الدورة أو في مبارياتها الأولى، غير أن خليجي 23، لا تريد حتى الآن أن تميط اللثام عن هوية البطل، فمستويات المنتخبات الأربعة العابرة لنصف النهائي، تبدو قريبة إلى حد بعيد، حتى لا يكاد التفاوت يذكر، وإن تفرد منتخب بميزة معينة، تفرد عليه الآخر بميزة أخرى، ولذلك، ظلت الترشيحات متباينة من جهة لأخرى، ومن بلد لآخر، حيث الغلبة فيها للعاطفة وليس للتقييم المنطقي.

منتخب عمان مثلاً، يكاد يتفق الغالبية على أنه المنتخب الأكثر انضباطية في الأداء، حيث يبدو الانسجام واضحاً بين عناصره، ما يظهر بإيقاع فني جميل، وهو ما يظهر بصمات مدربه الهولندي بيم فيربيك، لكن يقابله أيضاً قناعة كبيرة بأن المنتخب العراقي يمتاز بوجود لاعبين مهاريين على مستوى عالٍ، وأسماء لافتة تميز خارطته، مثل أحمد إبراهيم، وسعد عبد الأمير، وهمام طارق، وحسين علي، ولديه نزعة هجومية ضاربة، ولذلك نجدهما يحظيان بالمديح الأوفر بين النقاد وحتى الجماهير، لكنهما لا يكتسحان الترشيحات في سوق التوقعات بالفوز باللقب.

في ذات الوقت، يكاد يقتنع الغالبية بأن المنتخب الإماراتي ما زال يخبئ الكثير، حيث لم يكشف عن كل مكنوناته الفنية في الدور التمهيدي، وأن لدى لاعبيه، وفي مقدمهم عموري وعلي مبخوت، ما يظهرونه في لحظات الحسم، حيث لعبة الخبرة، عدا عن تميز الفريق بتكتيكه الدفاعي الذي أظهره المدرب الإيطالي ألبيرتو زاكيروني، حتى إن مرماه لم يهتز في المباريات الثلاث الماضية، وإن لم يسجل الفريق سوى هدف واحد حتى الآن، في حين يجمع الكثيرون على أن منتخب البحرين كان مفاجأة الدور الأول، فهو، وإن لم يحقق سوى فوز واحد على اليمن، وتعادل مرتين مع البحرين وقطر، لكنه نجح في تسيير مبارياته كما يريد، فعبر لنصف النهائي، ولا يتردد البعض بتصور أنه قد يفعله ويصل للنهائي، وقد يخطف الكأس التي عاندته على مدى تاريخ الدورة.

هذا الواقع، يجعل الضبابية تخيم على الدور نصف النهائي، حتى يكاد يصدق عليه وصف المعركة الغامضة، فتحليلات الورق، وكلام الفضاء، وأماني المدرجات، لا تزيد منتخباً على الآخر في شيء، وستبقى كلمة الفصل محبوسة حتى تطلق سراحها الصافرة الأخيرة في المباراتين.

Email