الاتجاه الخامس

بحثاً عن نقطة انطلاق

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يعرف تاريخنا الكروي حالة من الارتداد والتراجع كما يشهده الآن، وإذا ما نظرت بعدسة تقليدية إلى أبرز ما في هذه المرحلة، ستجد أنها كلامية فقط، حيث اكتفي فيها الاتحاد بإطلاق الشعارات، بسعادة وإعجاب، فيما خلت من أي جهد مؤسسي نحقق به الإنجاز الذي جاء الاتحاد أساساً لكي يحققه، إلا إذا رأى البعض أن البلاغة والاستعارة والكناية وباقي المصطلحات اللغوية المتقعرة، هي إنجاز، ساعتها، يجب أن يتحول الاتحاد ليكون فرعاً من المجمع اللغوي، وما شعار معاً نستطيع، والكل يتحمل المسؤولية، والبناء على ما وصلنا إليه، إلا نموذجاً، فهذه التعبيرات التي أطلقها الاتحاد، وبات يرددها ليل نهار، تبدو في مظهرها رائعة، خاوية على عروشها في جوهرها، وأضحت من مفردات كل مؤتمر صحافي واجتماع، أكثر مما هي حقائق يعنيها الاتحاد، ويضع لها الخطط المنهجية والزمنية لتجعلها قابلة للتنفيذ.

وإذا ما أردنا استجلاء الجدوى، فإن معظم الأعمال التي قام بها الاتحاد لتبرير الفشل، أو لعرض أسباب الفشل تنظيرية وصفية، فبعد الاجتماع الأخير، والذي عقد أساساً لتحديد أسباب فشلنا في التأهل لنهائيات كأس العالم 2018، تمخض الجبل فولد فأراً، فلم نجد جملة واحدة مفيدة تقول لنا سبب خروجنا من تصفيات كأس العالم 2018، سوى عبارة الكل يتحمل مسؤولية الإخفاق، وهذا يوضح لنا بجلاء، نوعية الفكر ومنهجية العمل الإداري المرتبك الذي يدار به الاتحاد، وهو ما يؤكد أكثر من أي وقت مضى، الحاجة إلى إعادة بناء فوري وشامل للعقلية والمستوى الإداري الذي يصنع الإطار العملي للحركة داخل الاتحاد.

لا يمكن أبداً أن يكون هذا الاتحاد نتاجاً تاريخياً لما سبق من عمل وجهود امتدت منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، إنما هو أقرب ما يكون إلى ظرف انتقالي، جاء رغبة من بعضنا، وكنت منهم، في الدفع بدم جديد ورؤية جديدة لإحداث تطور ونقلة جديدة في العمل.

وإذا كان الاعتراف بالخطأ أول مراحل التغيير، فإننا نعترف أننا أخطانا في الاختيار في مرحلة كروية مهمة للغاية للكرة الإماراتية، وهذا العمل العشوائي المنظم، الذي يقوم به الاتحاد، دفع بنا إلى هذه النتيجة، ليس على مستوى المنتخبات، وأنما امتد للأندية والاختيارات، وإلا، هل من المعقول أن يخرج المسؤول ليقول لنا إن اختيار المدرب باوزا، جاء من أجل كأس آسيا، وليس تصفيات كأس العالم.

هل هذا كلام معقول، يصدر عن مسؤول سلم وأقر، بل وسعى لخروج منتخبنا من تصفيات كأس العالم، فترك المنتخب بدون مدرب، مكتفياً بتوفير الإمكانات اللوجستية للمنتخب، على حد تعبير رئيس الاتحاد، دون الشق الفني، الذي هو الأساس، فانتظر الاتحاد أشهراً بعد استقالة المدرب مهدي علي، حتى تعاقد مع باوزا، والذي ظهر أنه جاء لكأس آسيا، كلام غير منطقي وغير مفهوم، لا يصدر عن مؤسسة.

أسئلة مثيرة كثيرة يمكن التوقف عندها، مع كل كلمة وعبارة جاءت في المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس الاتحاد، وصل به إلى فقدان الاتحاد للقبول من الشارع الرياضي، وهو ما يفقده الشر عية، حتى وإن تخلت الجمعية العمومية عن دورها، وإجمالاً، فإن الأسئلة المطروحة لتشخيص الحالة الراهنة للاتحاد، تقول إن الإخفاف مستمر، لأن المنهج خاطئ، وهذه نقطة الانطلاق.

Email