لقطات

طاح الفأس في الرأس

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أخبرتني قبل عامٍ من الآن، بينما كنت أتبوأ مقعدي في المنصة الإعلامية لاستاد محمد بن زايد، بأن الهبوط سيكون مصيراً لبني ياس، والذي كان يلعب أمامي بصفته أحد طرفي نصف نهائي كأس رئيس الدولة، لطغت ضحكتي الساخرة منك على هتافات الآلاف المؤلفة ممن صفقوا للفريق.أما اليوم وقد تحقق السيناريو الأقل توقعاً في استاد الشامخة، فسأدخر ضحكتي الساخرة لمن يختار أن يعض على أصابع الندم، ويبكي على اللبن المسكوب.

فلقد عصفت سنواتٌ متواصلةٌ من انعدام الاستقرار وسوء التخطيط ببني ياس، والكارثة لم تهبّ رياحها مع موسم 2016-2017 حين تداولت 3 شخصيات كرسي رئاسة شركة كرة القدم، بدءاً بمبارك بن محيروم، وانتهاء بجاسم الشرفا، كما تعاقب 3 «فدائيين» على تدريب الفريق، من بابلو ريبيتو، وختاما بعبد الوهاب عبد القادر، والذي وجد شقاً أكبر من الرقعة حين جاء خلفاً لجوزيه جوميز. ولستم بحاجةٍ إلى أن أواصل سرد الأسباب، فقد بات الجميع يحفظها كما اسمه، دون أن يفلح أحدٌ منهم في تدارك الموقف.

ولكن يبدو أن ما نجح بني ياس في تداركه هو قدرته على التعاطي مع هبوطه، ومدى استيعابه لنتائج موسمه المأساوي، وذلك بعد شهرٍ واحدٍ فقط من إصداره بياناً رسمياً يلوم فيه التحكيم على وضعية الفريق الصعبة، محاولاً بذلك اتخاذ شماعةً سهلةً ليعلق عليها إخفاقه.

«طاح الفأس في الرأس»، والأشجع دائماً هو الأسبق إلى الاعتراف بهذه الحقيقة المرة، وما أشجع سيوف العاصمة إذ حولوا النبرة من الإنكار وتوجيه أصابع الاتهام، إلى الواقعية والتقبّل. وها هم قد بدأوا مبكراً بحملة استنهاض الهمم، والالتفاف حول رجاله. فقد راحت رسائل المؤازرة والدعم تنهمر على النادي من لاعبيه ومدربيه السابقين، حتى ممن لم يقض بعضهم أكثر من عامين بين أروقة النادي السماوي. أصدقاءٌ قدامى، مثل المهاجم محمد ناصر، والجناح بندر الأحبابي، والمدافع مسعود سليمان، والمدرب لويس جارسيا، واللائحة تطول، مفعمةً مع كل اسمٍ بالحب والوفاء وتقدير الماضي الجميل.

في لفتةٍ جميلةٍ ومثلجةٍ للصدر، ترى الجميع وقد طوّق النادي بذراعيه ليحمله بعد كبوته المؤلمة، وكل الكلمات والتصريحات ذات صيغة استشرافية تتطلع إلى مستقبلٍ يرجع فيه الفريق إلى موقعه الطبيعي بين كبار الكرة الإماراتية.بالطبع، لن «نشخط» بممحاة التغاضي والتجاهل والنسيان على كمّ الهفوات التي تراكمت بصمتٍ، فيما كان بني ياس يبدو مرتاحاً ومطمئناً على بر الأمان. لن ننفي بأن هناك من أخطأوا، وربما أيضاً سعوا إلى عدم مواجهة أخطائهم، حتى تعاظمت وجرفت الفريق بعيداً.

ولكن نادٍ بهذه الاستعدادية للإلقاء بالفشل خلف ظهره، وفتح صفحةٍ جديدةٍ، لهو ناد يرغمنا على السخرية ممن لا زال يعيد أسطوانة العتاب، والعويل على ما كان بالإمكان أن يكون أفضل مما كانسيعود بني ياس بهذه الواقعية، بهذه الهمة، بهذه العزيمة. قطعاً سيعود.

Email