مسيرة الأبيض

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقل من 10 أيامٍ باتت تفصل منتخبنا الوطني الإماراتي، عن العودة لاقتحام معترك التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2018، وها أنا أقف مع كل محتشدٍ تحت راية التفاؤل والإيجابية، والإيمان بالأبيض حتى الرمق الأخير من المنافسات.

ولكن في هذه المرحلة، فإن أخشى ما أخشاه هو أن نبالغ في التحديق في تلك الراية، فنسقط في فخٍ عسيرٍ لن نخرج منه سالمين. وليس سوى فخ الأرقام والحسابات.

ننظر إلى جدول ترتيب المجموعة الثانية، والتي نحتل فيها المركز الرابع، فنجد بأنه لا تفصلنا عن الشقيقة السعودية، المتصدرة حاليا، سوى نقطةً، ومثلها عن منتخب الساموراي، الوصيف، بينما نرتاح ونضع في بطوننا «بطيخة صيفي» –بحسب التعبير العامي- حيال مركزنا، إذ تفصلنا 6 نقاطٍ كاملة عن العراق، أقرب مطاردينا.

وفقا للأرقام، تبدو كل الأمور ميسرةً أمامنا، وداعية للاستبشار خيرا بالمستقبل. فالفوارق ضئيلة جدا، والمعطيات والظروف متغيّرةٌ، ولعبة الكراسي الموسيقية تبشّر بتحوّل مراكز القوى في المجموعة، كما إنه ليس علينا القلق فعليا حيال التقهقر في الترتيب.

انتصارٌ من هنا على أحد المنافسين المباشرين، ومهرجان أهدافٍ من هناك ضد تايلاند، أضعف المتنافسين، وسنشاهد أبيضنا يختطف إحدى بطاقات التأهل. والحقيقة هي أن حظوظنا في الصعود لم تمت يوما، واستطعنا الحفاظ عليها بضراوةٍ حتى بعد تكبّدنا لهزيمتين مؤلمتين.

ولكن الحذر كل الحذر من أن ننجرف خلف أحاديث الحسابات والأرقام والنسب، ومعادلات الجمع والطرح، وعدّ فوارق الأهداف الإيجابية، فننسى أرض الواقع التي لا تعترف بالأوراق، ولا تتوّج إلا العطاءات والمستويات والخبرات.

إننا سنواجه الأخضر، الجار الذي أكرم وفادتنا بثلاثيةٍ نظيفةٍ في جدة، واليابان التي لولا هدفٍ ملغى بصافرة التحكيم كانت ستُكرهنا على العودة إلى الإمارات بنقطةٍ واحدة، وأستراليا المدججة بالمحترفين في أوروبا، والتي عرفت من أين تؤكل الكتف حين حلت ضيفةً في استاد محمد بن زايد.

إننا –بكلماتٍ أخرى- نعلن التحدي على منتخباتٍ هي بين الـ5 الكبار في القارة الآسيوية وفق آخر تصنيفٍ صادرٍ عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، حتى إن 11 مركزا يفصل بيننا وبين أدناهم مركزا.

إننا نطمع في انتزاع بطاقتنا بين فكي منتخباتٍ تتراوح بين الرغبة في الثأر منا، والحاجة إلى مراضاة جماهيرها بعد تراجع نتائجها، ورغم ذلك نتصوّر بأن فارق النقطة الحالي بيننا وبينهم سيشفع لنا للحفاظ على رأسنا فوق مستوى الغرق.

ولكي لا نبالغ في الانجراف، فلنتذكر بأن لغة الحسابات هي ذاتها التي تقول -نظريا بالطبع- بأن حظوظ كل فريقٍ في الفوز بأي مباراةٍ هي 50% طالما أنه سيدخل المباراة بـ11 رجلا ضد 11 رجلا، حتى وإن كان هذا الفريق يضم بضعةً من شباب «الفريج» والخصم هو برشلونة!

أخبروني: ماذا ستغنيه الـ«50 %» حين يمضي الواقع على هزيمته المذلة 50-0؟

هذه بالضبط هي اللغة المخادعة التي أحذّر منها.

Email