لقطات

الصدمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن أول الصدمات الكروية خلال سنة 2017 ستتمثل في توديع برشلونة لدوري أبطال أوروبا من دوره الـ16، ليتلقى محبو الندية والإثارة لطمةً لم تتكرر منذ موسم 2006 - 2007 بخروج النجم ليونيل ميسي المبكر من البطولة.

يؤسفني كمشاهدةٍ محايدة ألا أرى «أبا تياجو» يكمل المشوار إلى جانب عظماء اللعبة، إلا أني لسببٍ ما، أود لآثار هذه «اللطمة» أن تبقى، بل وأن تشتد احمراراً ووضوحاً حتى تضعنا أمام الأمر الواقع مهما كان مريراً.

كان نوفمبر مشؤوماً من عام 2013 حين خيّرتنا التصفيات الأوروبية المؤهلة لمونديال 2014 بين أسطورتين حيتين: كريستيانو رونالدو وزلاتان إبراهيموفيتش، فتصادمت البرتغال والسويد في موقعتي الملحق، لتتحطم على ثلاثية رونالدو المذهلة أحلام إبرا في الظهور المونديالي لآخر مرةٍ في مشواره.

وعزّا إبراهيموفيتش نفسه آنذاك قائلاً: «مونديالٌ يخلو مني هي بطولةٌ لا تستحق المشاهدة»، فتطأطأت الرؤوس من حوله مستسلمةً للقدر، ومتقبلةً لأحكام كرة القدم القاسية.
ولكن على ما يبدو، «هوامير» اللعبة لن يسمحوا لنا منذ الآن فصاعداً حتى برفاهية امتلاك مونديالٍ لا يستحق المشاهدة!

لم تمضِ سوى سنواتٍ قليلةٍ على ذلك الملحق المؤلم لكل عشاق كرة القدم، حتى أصبح «الحرمان من زلاتان إبراهيموفيتش» هي الحجة السخيفة التي يستخدمها البعض لتبرير رفع عدد مقاعد بطولة أمم أوروبا إلى 24، ويبدو أنها قريباً ستشمل القارة بأكملها، ومن ثم رفع عدد الفرق في كأس العالم إلى 48 منتخباً، مما يجعلني أجهز أموالي منذ الآن للمراهنة على لقاء رواندا وبوتان في نهائي مونديال 2026.

وإن اعترضنا على ما يقومون به من تضحيةٍ بالمستوى الكروي في سبيل حصد أضخم عائدٍ ربحيٍ ممكن، قالوا متظاهرين بالحزن والأسى: «تخيّلوا أن مونديال 2014 كان قد سمح لنا أن نجمع بين إبراهيموفيتش ورونالدو في مجموعةٍ واحدة».

في الحقيقة، هذه هي كرة القدم التي نعرف ونحب، منذ أن داعبناها للمرة الأولى، بأقدامنا الحافية، وفي شوارعنا المعبئة بالأتربة والغبار، أيقنا أن الخسارة وضياع الفرص جزءٌ أصيلٌ من دورانها وتقلباتها.

لنتقبل أن تقوم معشوقتنا بتجريدنا من إبداعات ميسي من هنا، وربما طموح جريزمان من هناك، وأن تنهي مسيرة 21 عاما لآرسين فينجر، أو حتى تقطع الطريق على عبقرية جوسيب غوارديولا التدريبية.

لنتقبل ضيق صدر هذه الرياضة العظيمة على استيعاب الجميع وتتويجهم فائزين، فإنه والله لم يظل أمام مصاصي أموال البشر، إلا أن يفرضوا التعادل فرضاً بنهاية كل مباراة ليمددوا عمر البطولات.

Email