اتهام الإعلام الرياضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يختلف اثنان على أن الإعلام الرياضي أحد أساسيات الرياضة وله دور مؤثر جداً، وغالباً ما يكون تأثيره إيجابياً، ولكن أحياناً يُتهم الإعلام الرياضي بأن له دوراً سلبياً في بعض المواقف.. فهل هذا الطرح صحيح؟

ارتفعت الأصوات بعد نهائي دوري أبطال آسيا بين فريق العين الإماراتي وفريق تشونبوك الكوري، بأن الإعلام الرياضي كان له دور سلبي في التأثير في الفريق والخسارة التي لحقت بالعين وعدم الحصول على البطولة، فهل الإعلام الرياضي في قفص الاتهام هذه المرة، وفي هذه المباراة بالتحديد؟

راقبت جميع المقالات والردود والعناوين الصحافية خلال فترة ما قبل المباراة وبعدها، وكانت كلها تصب في تعبئة الجماهير لدعم الزعيم العيناوي في مباراته المهمة، وأجزم، وكل المتابعين يتفقون معي أن الإعلام الرياضي يجب أن يكون له صوت، ويجب أن يرفع المعنويات، ويجب أن يشحذ الهمم ويحشد الجماهير خلف ممثل الإمارات في نهائي دوري أبطال آسيا.

وهي المنافسة الرياضية الأهم ما بين الفرق الكروية في القارة الآسيوية، الجميع يتفق أن المباراة كانت في متناول اليد والعين كان الأفضل وكان قاب قوسين أو أدنى من التتويج، فلو افترضنا أن ركلة الجزاء لم تضع أو بالأحرى، لو فاز العين، لما سمعنا أصواتاً تتهم الإعلام الرياضي، ولكن هذا هو حال الكرة.

فعندما تخسر تبحث عن كبش فداء لتصب جام غضبك عليه، ولكن الإعلام الرياضي يا سادة، لم يتجاوز الحدود، ولم يفعل سوى رفع المعنويات وحشد الجماهير خلف ممثل الإمارات، ولذلك شاهدنا الجموع الغفيرة التي توافدت على استاد هزاع بن زايد بالآلاف لتقف خلف العين وتشجعه وتدعمه.

علينا أن نرضى بالخسارة ما دمنا قبلنا المنافسة، فالكرة فوز وخسارة، وإذ فرحنا في بعض المباريات بالانتصارات وتغاضينا عن بعض الهفوات والسلبيات، فعلينا أيضاً عند الخسارة أن نتقبل نتيجتها، وألا نحكّم عواطفنا وندرس أسباب الخسارة من كل النواحي الفنية والإدارية والإعلامية وغيرها، ونتجاوز المرحلة وننطلق من جديد فهذه كرة القدم ومتعتها.

اتهم الإعلام الرياضي بأنه صور للناس الفوز المحقق وأوهمهم أن العين قد حصل فعلاً على البطولة، حتى قبل أن يلعب، ولكن عذراً منكم، إذا كان هذا الطرح صحيحاً، فيمكن أن يؤثر في بعض الجماهير وليس على اللاعبين والطاقم الإداري والفني، لأنهم في معسكر داخلي، وتهيئة نفسية بعيدة عن تأثير الإعلام سلباً أو إيجاباً.

أنا لا أُبَرِّئ الإعلام الرياضي تماماً، ولكن لا أحمّله وزر الخسارة والمسؤولية الكاملة في المباراة، الإعلام الرياضي هو لاعب أساسي في المنظومة الرياضية وعلى صلة تنسيقية مع اتحاد الكرة، ولا يمكن للإعلام الرياضي أن يتجاوز الحدود أو يغرد خارج السرب أو يهدف متعمداً إلى التسبب في خسارة فريق إن كان المنتخب أو أي فريق آخر يمثل الوطن.

الإعلام الرياضي يتفاعل كما يتفاعل أي جمهور، بل هو في الأساس صدى الجماهير، وهو انعكاس لكل الأحداث والتفاعلات التي تجري على الساحة الرياضية، فلا يمكن أن يتجاهل الإعلام الرياضي حدثاً أو مناسبة رياضية مهمة ويغفل عنها أو يتناساها.

بل على العكس، عليه أن يكون في صلب الحدث ويتفاعل إيجاباً وينقل ويحلل ويرفع المعنويات والهمم، هذا الإعلام الرياضي الذي نعرفه، وإذ لم يفعل ذلك فهذا ليس إعلاماً رياضياً، وإنما إعلام من نوع آخر لا نعرفه! أنصح ألا نُحمّل الإعلام مسؤولية ما يحصل داخل المستطيل الأخضر من فوز أو خسارة!

Email