كل حين

حارس المرمى

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما قرر حارس نادي الوصل السابق أحمد والملقب بديدا مغادرته إلى النادي الأهلي، غادره لسببين كما يبدو لي، أولهما وهو أهمهما أن الوصل لم يدرك تماماً قيمة قامة حارس عملاق مثل أحمد، ولو لم يكن كذلك لم يكن ليلقب بديدا ليس تشبهاً بشبه الملامح ولكن مقارنة بمستوى الحارس البرازيلي الدولي ديدا، ومن المعروف أن البرازيل أساساً تفتقد النجوم في الحراسة مقارنة بالنجوم في الهجوم، ولهذا كان ديدا البرازيل استثناء كما هو ديدا الوصل استثناء، كما أن بعض الأندية لا تدرك قيمة وأهمية مركز حارس المرمى وهو المركز الأهم على الإطلاق في كرة القدم وهو المركز الأصعب، وهذا هو عنوان هذا المقال.

السبب الثاني لمغادرة ديدا هو النادي الأهلي ذاته، فالأهلي منافس دائماً على البطولات، كما أنه كان استثنائياً في الإمكانيات وتطوير الإدارات، انتقل إلى الأهلي في فترة غياب الحارس الملقب بقلب الأسد نتيجة الإصابات والإيقافات، وقد أثبت ديدا جدارته حتى قلب الملعب على قلب الأسد بالرغم من العودة الموفقة للأسد، فهذا الديدا هو في الواقع فهد فهو أصله من معسكر الفهود، وله شخصيته وكفاءته وحنكته، ولهذا ظل يحرس مرمى الأهلي بوجود الأسد في البطولة الآسيوية وأثبت جدارة غير عادية وكانت له حالات إنقاذ استثنائية، وهذا علاوة على الهدوء والحكمة التي يتمتع بهما ديدا الفهد، بالإضافة إلى الثقة بالنفس والإمكانيات والطموح الذي يتمتع بهما ديدا في شخصيته، تعاقد ناد كبير مثل النادي الأهلي يؤكد ذلك، ونجاحه في منافسة قلب الأسد تؤكد ذلك، وانتقاله إلى نادي بني ياس ليكون الحارس الأساسي يشير إلى ذلك، بالإضافة إلى استدعاء مدرب المنتخب الوطني مهدي له من فترة لأخرى، كل ذلك يؤكد على قيمته وأهميته، وأقول له تعجبني شخصيتك الجادة التي ألاحظها في الملعب، ويمكنك أن تكون قدوة لمن هم حولك وللناشئة التي تنظر إليك ولا حدود للقدرات ولا للطموحات.

وعموماً حارس المرمى هو نصف الفريق إن لم يكن الفريق كله، عشرات الأخطاء من المهاجمين ومثلها من لاعبي الوسط والمدافعين كلها معفية ومنسية، وأما حارس المرمى فخطأ واحد ويكون هو الضحية، أعتقد أن حارس المرمى مظلوم، وأعتقد أنه هو من يستحق دائماً جائزة أفضل النجوم، فالحديث ليس فقط عن الفن والمهارة والموهبة ويمكن أن يكون لها جائزة، الحديث عن نوع المسؤولية وطبيعتها وظروفها وحيويتها، ولا يعرف ضغط شبكة المرمى إلا من يقف بين الخشبات ويكون المسؤول النهائي والأخير عن صد التسديدات، في مباراة الدور قبل النهائي لبطولة الأمم الأخيرة بين إيطاليا وألمانيا وخلال ضربات الترجيح كان بين الخشبات اثنان من أفضل حراس المرمى، نويير وبوفون، حارس زئبق متحمس وحارس جبل متمرس، كانت أقدام اللاعبين الكبار ترتجف قبل قلوبهم، وكان بوفون تحديداً متمركزاً ومُرّكزاً ومرعباً وكأنه أسد واثق أو فهد متأهب، وكلاهما مدرسة، مخضرمة وحديثة ومنها يمكن لمشروع حراس المستقبل أن ينهل.

Email