الكورنر الرياضي

التفكير قبل التشفير

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرار تشفير مباريات دورينا، هدفه الأساسي هدف رياضي سام، وهو جذب الجمهور إلى المدرجات، ولا أعتقد بتاتاً أن القرار مادي، كما يعتقد البعض وهذا الاعتقاد مبني على التسعير والإحصائيات والأرقام، فهل سياسة التشفير وحدها تستطيع جذب الجماهير؟ هذا هو السؤال المهم الذي علينا التفكير فيه قبل قرار التشفير, والذي علينا أن نركز عليه قبل أي حكم آخر.

إذا تحدثنا منطقياً سنقول إنه من الظلم أن يحضر مشجع إلى المدرجات ويدفع أمواله، ومشجع آخر يجلس في بيته يشاهد المباراة مجاناً، مستلقياً على الكنبة! هذا الأمر يعتبر في علم الاقتصاد قيمة مهدورة!

الاشتراك السنوي في القنوات الرياضية المحلية متاح ويعادل السعر نفسه تقريباً لو شاهدنا المباريات من على المدرجات.

في المقابل التشفير ليس هو الحل لجذب الجماهير، فهناك معوقات أخرى علينا طرحها بكل صدق وشفافية.

الأندية اليوم تتحمل الجزء الأكبر من إحجام الجماهير عن الحضور، وليس التشفير وحده فقط هو العائق الأساسي، وأكتب هنا عن نقاط محددة وجوهرية ومعروفة سلفاً ومختلفة تماماً عن منطق التشفير، وهذه الأسباب تتحملها الأندية وجهات أخرى وهي على سبيل المثال لا الحصر: مواقف السيارات المخصصة للمشجعين، محدودة، وغالبية الحضور يشتكون من التكدس والازدحام (وواجب الأندية، توفير المواقف الرحبة لاستقبال المشجعين)، إضافة إلى عدم نظافة كراسي الجلوس في المدرجات، فالمشجعون يعانون ويشتكون من ذلك (وواجب الأندية توفير المكان النظيف والمريح والمناسب للجلوس ومشاهدة المباريات على أساس أنها مدفوعة الثمن مثل السينما تماماً)، ويوجد شح في المشروبات والطعام في الملاعب، فالمشجع يذهب ويدفع ليتمتع ويقوم بالترفيه عن نفسه في المقام الأول، وهو غير مستعد للذهاب إلى الملعب ليعذب نفسه ويصوم طوال المباراة، (وواجب الأندية توفير الكافتيريات اللائقة مثل الأندية الأوروبية، حيث تجد في كل مدخل من مداخل المدرجات كافتيريا يبيع جميع المشروبات والسندويتشات الباردة والساخنة).. وللعلم أنديتنا تقدم هذه الخدمة للأعضاء والضيوف الخاصين فقط أو من نسميهم VIP فقط!

علاوة على كل ذلك، يوجد سبب آخر وجوهري لإحجام الجماهير عن الحضور، وهو انعدام المنافسة، حيث انحصرت المنافسة اليوم بين فريقين أو ثلاثة على أكثر تقدير، وأصبحت الفرق الأخرى تكملة عدد ولا أمل لهم في المنافسة في ظل دوري المحترفين الذين يخدم فقط الفرق الغنية! فمن طبيعي أن يغيب جمهور الفرق الأخرى عن الحضور. في هذه النقطة أرجع بالذاكرة إلى الماضي إلى ما قبل دوري المحترفين، عندما كان الحضور الجماهيري كبيراً وملحوظاً والسبب المنافسة المحتدمة على درع دوري الدرجة الأولى، حيث كانت نصف فرق الدوري تتنافس على الدرع، وكنّا لا نستطيع التعرف إلى بطل الدوري إلا في المباريات الأخيرة، وهذا كان عامل الجذب الأكبر والأساسي للجماهير.

مسؤولية اتحاد الكرة، اليوم، دراسة ظاهرة إحجام الجماهير عن الحضور، وإذا عرف السبب بطل العجب، فالتشفير حل واحد وليس الحل الأخير! وشكل المسابقات سبب وليس السبب الأوحد، وخدمات الأندية سبب، ولكن ليس السبب الوحيد، وبالتالي إحجام الجماهير مسؤولية يتحملها اتحاد الكرة مع الأندية، وعلى خبراء الاتحاد البحث في هذه الظاهرة بأسلوب علمي وإيجاد الحلول، وعليهم أيضاً عدم تجربة حل واحد مثل التشفير والتوقف عن التفكير!

Email