كل حين

الكرة في إسبانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا المقال بمناسبة زيارتي لإسبانيا والوصول من خلال مدينة برشلونة والمغادرة من خلال مدينة مدريد، والزيارة تتصادف مع موعد الكلاسيكو الإسباني العالمي والفضائي بين برشلونة وريال مدريد، ومبروك الفوز للملكي وأنصاره، وتختصر زيارة ملعب كامب نو ،معقل برشلونة تاريخ القرن في ساعة، وتختصر أداء الاحتراف في قاعة، وفي السنوات الأخيرة، فإن إسبانيا دائماً ضمن المقدمة في تصنيف «فيفا»، ومنتخبها منافس قوي وبطل في الأمم الأوروبية وكأس العالم، بسبب مستويات فنية متنوعة لمجموعة من اللاعبين المتميزين ومن دون تحديد أو تعداد، والأكاديميات الإسبانية لا تنضب، بل أصبحت تتفرع وتستنسخ في كل مكان.

والأهم من ذلك هو الليغا، فهو يحتوى على أقوى وأغنى الأندية العالمية، برشلونة وريال مدريد، وهما من الأندية الأكثر شعبية ليس فقط في إسبانيا ، بل في كل دول العالم ، والأسباب الرئيسة التي تقف خلف ذلك هي المنافسة الأزلية حامية الوطيس بين الناديين، والقوة المادية الاستثمارية التي تمتع بها خزائنهما، ما ساعدهما بسهولة وبكفاءة على جلب أساطير كرة القدم ، ومن دون الحاجة إلى استعراض التاريخ، فإن التشكيلات الحالية لكلا الفريقين تلخص لنا كل مكونات مجرة كرة القدم في النجوم الحيوية التي تسخر بها سماء الفريقين وتلمع أمام أعين الجماهير ، وهذه العيون هي التي تدمع أمام لمعان الولاء والأداء الجميل والشغف الممتع ، وكذلك أمام بريق الكؤوس في خزائن الناديين.

وهذا العصر هو عصر رونالدو ، وميسي، ومع الاحترام للباقين حالياً وسابقاً، كلهم مميزون ومؤثرون والكثير منهم استثنائيون، ولكن يظل كل من رونالدو وميسي الاستثناء.

والاستثناء وعباقرته ليس فنياً فقط، ولكن احترافياً بالدرجة الأولى، بل بالدرجة الممتازة، والمتفرج العادي ينبهر بالمستوى الفني والأداء المتميز لهما، وتأثيرهما الواضح والمباشر والمؤكد في نتائج المباريات، ولكل منهما مواهبه الخاصة التي منحها الرب سبحانه وتعالى، كما منحنا جميعاً مواهبنا وإمكانياتنا الخاصة، والفارق دائماً في الاستكشاف والاستخراج والصقل والإرادة والإدارة والأداء، وبالطبع الالتزام والاحترام والاستمرار في تطوير كل ما سبق، وقد يكون ميسي يتفوق مهارياً، وكما يقال من كوكب آخر، وهو كذلك، ولكنه ملتزم مع الفريق بالعمل الجماعي ، ولم يسبق له أن تأخر عن المواعيد.

وهنا العبرة، فمهما تكن موهبتك فأنت واحد من مجموعة وعليك أن تكون قدوة، ويظل رونالدو استثنائياً وموهبته ليست في مهاراته وقوته، ولكن في إرادته، يبدأ تدريباته قبل الفريق وينتهي منها بعده ، فمهما تكن موهبتك فأنت لم تستخرجها كلها وعليك أن تكون قدوة.

ميسى ورونالدو مواهب في مدارس وهما مدارس للمواهب، ولكل ذلك، على المتفرج الاستثنائي وعلى اللاعب الصاعد وعلى المدرب الواعد، أن يتمتع بالفن الكروي والأداء السحري لخوارق كرة القدم، ولكنه في نفس الوقت عليه أن يتعلم كيف يكتشف ويستخرج الإمكانيات ويسخرها لتحقيق الإنجازات.

Email