مونديال الانتقام والإصابات.. والمتعة

كثيرة هي الصفات التي تميز مونديال 2014 بالبرازيل، فمن ظاهرة الإصابات التي حرمتنا من مشاهدة أبرز اللاعبين وفي مقدمتهم فالكاو الكولمبي وريوس الألماني وريبيري الفرنسي ومونتيليفيو الإيطالي، إلى ظاهرة انتقام «المغلوب» على «الغالب»، ورد اعتباره في مباريات تاريخية ستبقى طويلاً في أذهان عشاق الكرة المستديرة.

صحيح أن أسبانيا حرمت هولندا لقب مونديال 2010 في مباراة سيتذكر الجميع فيها فرصة روبن الضائعة، وهدف انيستا الرائع، إلا أن الجميع سيتذكر بلا شك في مونديال البرازيل 2014 رأسية فان بيرسي البهلوانية، وسرعة روبن المدهشة، وخماسية هولندا المذهلة في مرمى اسبانيا.. إنه انتقام الطواحين، وتتويج للداهية فان غال الذي أعاد الاعتبار لنجوم أياكس وايندهوفن وفينورد، وصنع «التوليفة» الصحيحة للاستفادة من الثنائي «روبن وفان بيرسي».. ولا عزاء للأسبان، و«هاردلك» كاسياس، فلم يكن هناك أحد من اللاعبين الهولنديين ليطلب من الحكم إنهاء المباراة رأفةً بكم، كما فعلت أنت في مبارة ايطاليا بنهائي الأمم الأوروبية الماضية.

المرارة نفسها ذاقتها غانا أمام الولايات المتحدة الأميركية، فبعد أن أخرجت غانا الولايات المتحدة الأميركية من الدور الثاني لكأس العالم 2010 بالهدف الذهبي، ذاقت غانا مرارة ذات الكأس عندما خسرت من الولايات المتحدة الأميركية 2-1 في الثواني الأخيرة للمباراة.

هي الكرة المستديرة.. يومٌ لك ويومٌ عليك، فمباريات الانتقام تزيد من حلاوة الكرة، وإن كان هناك من توصيف أراه لبداية هذا المونديال، فيمكنني وصفه بمونديال الإصابات والانتقام والمتعة، مع أنني أستبعد أن يجمع نهائي هذا العام بين البرازيل والأورغواي لتنتقم البرازيل لخسارتها في نهائي 1950!!

وإذا كان للمتعة عنوان، فعنوانها الأبرز الإيطالي «اندريا بيرلو»، فهذا اللاعب يجبرك على احترام فنه، فالكرة تحت قدميه «خادم مطيع»، وهو من طراز اللاعبين الذين يبعثون تساؤلاً في أذهان محبي كرة القدم «هل جوائز أفضل اللاعبين في العالم منصفة؟» وإذا كانت منصفة، لماذا بيرلو الذي «روّض» الكرة لم يحصل على هذه الجائزة المرموقة بعد؟.

. فمن شاهده في مباراة ايطاليا وانجلترا الأخيرة في كأس العالم 2014، أدرك ان هذا اللاعب قيمة لا تعوّض.. ويكفي الفيديو المتناقل عن حارس مرمى المنتخب الإنجليزي هارت وهو يحيي بيرلو بعد المباراة، ويشيد بركلته الحرة التي عندما أصابت العارضة، انتزعت معها آهات الملايين من عشاق الكرة.. هو بيرلو.. ونقطة على السطر.