وجهة نظر

رواتب وعقود

ت + ت - الحجم الطبيعي

رواتب اللاعبين وأسعار انتقالاتهم اصبحت الهاجس في هذه الأيام، وهو امر اعتدنا عليه كلما فتحت اسواق الانتقالات ابوابها، فأصبحنا نسمع الحديث ذاته عن استياء بعض الجماهير القريبة من تفاصيل دوري الخليج العربي، ومن بعض افراد المجتمع، الذين لايحبون متابعة كرة القدم، ولكن الرواتب والأرقام التي تنشر بين الفترة والأخرى جعلتهم من فئة المنزعجين من هذه الأرقام، ومن حقهم ومن حق غيرهم الانزعاج مما يسمعونه.

إذا ما فكرنا في الأمر فهي مجرد كرة، مجرد لعبة، مجرد رياضة وفيها وفي عالمنا العربي تحديدا يكون الصرف اكبر من المدخول او الإيراد الذي سيحققه النادي الذي يصرف هذه المبالغ، لذلك إذا اردنا ان نستمر بدفع مثل هذه الرواتب والمبالغ فعلينا ايضا ان ننوع مصادر دخل الأندية حتى تصبح شركات لها مردود مادي قوي، فأبسط مثال لدينا ان اغلب الأندية إذا اردت ان تحصل على منتجات تخص لونها وشعارها فإنك لن تجد المتجر الذي تذهب وتشتري منه احتياجاتك مثلما نشاهد في اوروبا او حتى بعض دول شرق آسيا.

وبالعودة إلأى موضوع الرواتب العالية وصفقات الشراء الخيالية نقول: هؤلاء اللاعبون يعتبرون موظفين في الأندية وهذه اللعبة مصدر رزقهم الوحيد، ولكن هذا لايمنع ان ضبط سقف الرواتب سيحفظ اللاعب ومستقبله اكثر من اي شي آخر، وما اكثر اللاعبين الذين انخفضت مستوياتهم بعد توقيع عقود لم يستوعبها عقلهم ولا ذهنهم وأصبح البعض عالة على فريقه، لذلك رفقا بالمواهب التي تفسدها كثرة الأموال، ورفقا بخزائن الأندية، التي تستنزفها الرواتب والصفقات، فلم نستفد من دفع هذه الأموال الطائلة بمشاهدة مستويات فنية كبيرة، ولم نلمس تطورا في مستوى اللاعبين، فكل مانشاهده هو النزول من حافلة النادي والبعض يحمل شنطة (ماركة)، ونظارة شمسية احدث موديل، وكأن البعض يحتاج لإزاحة هذه النظارة لكي يشاهد مستواه الحقيقي ويحاول ان يطور من نفسه.

قد يقول البعض ان تصرفاتهم شأن خاص، نعم هي شأنهم الخاص ولكن مايفعلونه خارج الملعب ينعكس تماما على مردودهم داخل الملعب، ولا ننسى ان هؤلاء في فورة شبابهم وأغلبهم دون سن الثلاثين والمبالغ الضخمة التي يستلمونها من شأنها ان تؤثر عليهم كثيرا، لذا يجب ان تنتبه الأندية في مسألة دفع الرواتب والعقود، فكم لاعب انهى حياته الكروية وهو مديون ولايملك حتى وظيفة، وقد شاهدت بعيني لاعبا سابقا في ناد كبير يعمل في متجر للألعاب الإلكترونية في احد المراكز التجارية لم يتوقع اني سأعرفه، لكني بادرته بالسؤال فقال وهو راض بوضعه وبحاله "الحمدالله على الأقل وفر لي النادي هذه الوظيفة، العمل ليس عيبا ولن يكون عيبا ابدا".

يجب على اللاعبين المحترفين ان يدركوا ان الرواتب الخيالية هذه مؤقتة ومدتها الزمنية لن تتجاوز العشر سنوات او خمسة عشر سنة، لذلك عليهم التفكير جيدا بأنفسهم ومستوياتهم والمحافظة على ماكسبوه ووضع اهداف وخطط لمستقبلهم، فالمال يفنى ومتطلبات الحياة مستمرة.

Email