عندما انتصر المنتخب الإسباني على منتخب تاهيتي بعشرة أهداف نظيفة في كأس القارات بالبرازيل، خرج المهاجم الإسباني ديفيد فيا من المباراة حزيناً مكسور الجناحين، رغم تسجيله أربعة أهداف كاملة!! وعندما سألوه عن السبب قال: خشيت عليهم من الإحباط واليأس من حال الكرة بعد هذه النتيجة الكبيرة!.. فهم لا يعرفون طريق الاحتراف حتى الآن عدا لاعب واحد فقط!! أما البقية في حال سبيلهم ينهلون من خيرات جزيرتهم فتجد لاعباً يعمل سائق شاحنة صباحاً والآخر بائعاً متجولاً! ويتجمعون على البركة لعل وعسى بطولة تجمعهم من هنا وهناك!

وهذا ما يفسر استقبال شباكهم 24 هدفاً في ثلاث مباريات فقط في كأس القارات!! فهم كانوا بعبارة أخرى كـ(معجبين) داخل المستطيل الأخضر يهرولون خلف إنييستا وتشافي وتوريس طمعاً في لقطة تصويرية خاطفة تكون أجمل ذكرى بالنسبة لهم! والطريف أن منتخب تاهيتي للكبار يضم أربعة أشقاء في التشكيلة ويطلقون على مدرب الفريق (بابا)! يعني من زاوية أخرى بإمكاننا أن نطلق على هذا المنتخب (بيت العائلة) بكل دفئه رغم ما أسفر عنه من فضائح!

لا أدري لماذا تذكرت هذه القصص حينما عايشت وشاهدت عن قرب أحوال مجموعتنا في مونديال الناشئين، وما صنعته هندوراس بنا وبغيرنا «السلوفاك»!! فها هم صغار هندوراس يحرزون أول انتصار تاريخي في المونديال على مستوى الناشئين وللأسف كان ذلك على حسابنا! فهندوراس شاركت سابقاً في مونديال كوريا 2007 وخسرت جميع مبارياتها، وكذلك شاركت في مونديال نيجيريا 2009 ولم تحصد نقطة واحدة، ولكن في الإمارات انفرجت أساريرهم وابتلت عروقهم بفرحة مونديالية لم تكن في الحسبان!

نعم تلك هي هندوراس التي اعتقدنا أنها ستكون (تاهيتي القارات) حضرت من أجل تجميع الكرات.. ولكن للأسف خاب الظن وأصبحنا نحن من يجمع الكرات حتى سمعنا أنين شباكنا التي تلقت 8 صفعات كروية في مباراتين فقط!

لا نملك إلا أن نقول سامح الله القرعة ومن وضعها.. ألم يجد سوى البرازيل كي يضعها بجوارنا! أين بنما ونيوزلندا عن أصحاب الأرض! فهم على الأقل من ملتنا الكروية وليسوا من أحفاد زيكو وسقراط! الذين سجلوا 12 هدفاً في أول مباراتين فقط! هذه الأرقام المخيفة وظهور منتخبنا بهذه الصورة أجبرت أحد الأطفال الإماراتيين على الصراخ في المدرجات قائلاً: «عيدوا البطولة عشاني»!

ونحن نقول لذلك الطفل لا تنفع الإعادة وعلينا أن نتعلم من ألم الأخطاء، فقديماً قالوا الضربات القوية قد تهشم الزجاج ولكنها تصقل الحديد، وعسى أن تكون هذه الأحداث الكروية درساً للصغار!

وإن كانت هناك رسالة مونديالية أخيرة فهي موجهة لبلاتر وأتباعه.. يجب سن قانون جديد يمنع تشفير أي بطولة للناشئين! يجب أن نحمي بطولاتهم من القيود التلفزيونية فهم أحوج الناس للترويج لمهاراتهم وإظهار حبهم للعبة..! باختصار المشجع يهرول خلف النجوم حتى لو اضطر لصعود القمر! فكيف لنا أن نحرمه من مشاهدة لاعب هاوٍ لا يزال يحبو في طريق النجومية!

الإصبع السادس:

رغم قسوة الواقع ما زالت الفرصة مواتية لتحسين الصورة حتى ولو كان البرواز سيئاً!