عندما سئل الإعلامي الأميركي الداهية لاري كينج عن أفدح أخطائه الإعلامية، لم يتردد في الرجوع إلى عام 1959 وبالتحديد في أول يوم في السنة، حيث كان يتوجب عليه تقديم برنامج إذاعي صباحي لمحطة ( دبليو كي إيه تي ) الإذاعية، ذات التصميم الزجاجي والتي تتيح للمارة فرصة مشاهدة المذيعين أثناء تقديمهم لبرامجهم الإذاعية.. وفي ذلك الصباح بدا لاري كينج مرهقا ومجهدا، فقد ناله التعب بسبب مواصلته للسهر دون نوم خشية أن لا يتواجد في الوقت المحدد، وبالتالي إضاعة فرصة ذهبية لترك بصمة في بداياته !!
ولكن ما زاد الأمر سوءا هو عدم تواجد أي موظف في ذلك الصباح بسبب إجازة رأس السنة، واستمتاع الجميع بإجازة هانئة! فتح الميكروفون وأصبح ينتظر الدقائق لكي يبدأ ولكن فجأة غلبه النعاس ..واستيقظت حينها مدينة ميامي كلها على صوت ( شخير ) لاري كينج كمفاجأة مدوية في أول أيام السنة ! بعدها هرع رجال الإنقاذ في سرعة قياسية لكسر الزجاج الأمامي للإذاعة والتأكد من سلامة الرجل!
وأمام هذه الزوبعة المحرجة والضغوط قرر مدير المحطة أن يفصل لاري كينج من العمل ولكن وجه له سؤالا واحدا: أنني أحبك ..فأنت تتمتع بالموهبة ولكن..أذكر لي سببا واحدا يجعلني أبقيك على رأس عملك ! فما كان من لاري إلا أن يقول.. أردت أن أختبر سرعة استجابة إدارة ميامي للإنقاذ.. لأية حالة طوارئ !
وأمام هذه الإجابة الذكية وسرعة البديهة لم يكن من مديره إلا أن أعاده للعمل مرة أخرى، ليواصل اندفاعه ويصبح الآن أسطورة إعلامية حية !
أعلم تماما بأن هذه المساحة رياضية..ولكن لا مانع من توسيع المدارك والآفاق قليلا فالرياضة تدخل في صميم حياتنا ..في كل خطواتنا ..إنها عالم متنوع وثري ومن الظلم أن نحصر أقلامنا في القضايا الكروية فقط ...ما دفعني لقصة البداية رسالة وصلتني من شاب كل رغباته وأمنياته أن يصبح إعلاميا ناجحا، إلا أن الحظ عبس في وجهه وتعرض لحادث مروري جعله يتأخر قليلا عن موعد تجربته واختباره إعلاميا، مما جعل موقفه في مهب الريح لعل وعسى أن تكون ورقة حظه موجودة في مكتب المدير !
أؤمن تماما بأن المبدع لا يحتاج لتزكية ولا توصية، ولكن جل ما يرغب به المرء فرصة لإثبات الذات.. فلو كنا نبحث عن الموهوبين والمبدعين رياضيا فعلينا أن نطلق العنان لأفكارهم وإبداعاتهم ..وإن أخطؤوا فعلينا أن نتفهم ظروفهم ونحاول تقويم سلوكهم وإهداءهم بوصلة الطريق الصحيح لكسب ولائهم وشحذ هممهم.. ويحضرني درس سبيت خاطر حينما رمى فانيلة العين بعدما خرج غاضبا من المباراة، فما كان من إدارة العين بقيادة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلا مخالفته إداريا لأجل غير مسمى، بعدها صدر قرار العفو وتعلم سبيت من مغزى العقوبة ليحصد بعدها العين بطولة آسيا !
الإصبع السادس :
الموهوب يحتاج فقط إلى فرصة ..أما المسئول فإنه يحتاج لفراسة..كي يكتشف تلك الموهبة !