وجهة نظر

جرح غائر

ت + ت - الحجم الطبيعي

جرح غائر في فروة الرأس احتاج لإجراء ثلاثة غرز، هكذا بالضبط جاء وصف الطبيب المعالج للحكم محمد الجلاف الذي لم يكن يصف حال الجلاف فقط، بل وصف الجرح الذي تسبب به فرد غير مسؤول وجرح الروح الرياضية في تلك الأمسية التي احتضنها استاد راشد في نادي الأهلي.

وللأسف هذا الشخص لم يسئ إلى نفسه، بل أساء لجمهور هذا النادي العريق، ولم يشوه صورته هو كشخص، بل شوه صورة تلك الليلة حامية الوطيس التي جمعت بين المتصدر والمتربص، في المباراة التي كانت تعني الكثير للفرسان.. وبينما كانت تستعد المباراة للفظ أنفاسها الأخيرة، فإذا بها تجبر على آن يسدل عليها الستار مرغمة بعد أن خرجت عن مسارها الحقيقي وهي الروح الرياضية، بكل أسف وسط منظر كان بمثابة الصدمة لكل من تابعه من أرض الملعب ومن خلف الشاشات.

تصرف لاشك أنه «أرعن»، ونحن كمتابعين ونقاد نقولها لن يتحمل جمهور الأهلي بأكمله خطأ هذا المشجع، ولكن نظرة لجنة الانضباط تختلف عنا ومعاييرها وقوانينها للأسف ستكون قاسية ربما على جمهور الفريق في حال تم اتخاذ عقوبات بحق جمهور الأهلي وسببه شخص كان في منتهى الأنانية في تلك اللحظة، عندما فكر بغضبه هو فقط ونسف جهد فريق بالكامل، عندما رمى رأس الحكم بقطعة معدنية ورمى معها قيمه وأخلاقه.

ولكن يجب ألا ننظر للحادثة من طرف واحد وهناك سؤال يجب ألا يمر مرور الكرام، ويجب أن نقف عنده ونعرف إجابته كيف لمثل هذا المشجع أن يدخل الملعب ومعه هذه القطعة المعدنية أو الشاحن الإضافي للهاتف، كما تم وصف القطعة المعدنية، وإن كنا نسمع أحياناً كثيرة احتجاجات الجمهور من أنه في مواقف كثيرة لم يسمح لهم بإدخال الماء، فكيف لمثل هذا الشاحن أن يدخل أم أنه مسموح والماء غير مسموح؟

وهناك أسئلة كثيرة تدور في البال، ولكن تبقى هناك أمور مهمة يجب أن يضعها كل من يريد أن يذهب إلى مشاهدة فريقه على أرض الملعب، وهو يدرك ويعي أنه غير قادر على ضبط أعصابه، إنها في النهاية مجرد لعبة، وكما قال الدكتور موسى عباس: «مجرد وسيلة للهو والتسلية ولا ينبغي أن تتجاوز ذلك»، وهي حقا كذلك، وإلا لما اختار الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أن يكون شعاره «اللعب النظيف».

ويجب أن يكون هناك تكثيف للحملات التثقيفية بأن الرياضة فوز وخسارة، وبأن التشجيع هو الوقوف خلف فريقك ولا يعطيك الحق أن تتلفظ بألفاظ نابية على الحكم أو الخصم، ولا يعني أن «تفلع» من تشاء ووقت ما تشاء تاركاً خلفك جرحاً غائراً في قلب فريقك ولاعبيه الذين لعبوا واجتهدوا وقدموا كل ما لديهم، لتأتي أنت وتسلبهم كل ذلك في لحظة طيش ويكفينا جروحاً في رياضتنا.

 

Email