بعض الأفكار العبقرية تبقى دائماً ضرباً من الجنون، والجنون هنا وصف محمود لا مذموم، هكذا هي الأحلام الكبيرة تبقى بعيدة عن واقعها المعاش غريبة عليه، فعباس بن فرناس لم يكن إلا عبقرياً خانته عبقريته فسقط في أودية الهلاك لكنه أسس نظرية الطيران، ومن أسس فريق الفيكتوري رمى بناظريه إلى أفق بعيد وغير مألوف فكان صائباً وهو يضع البطولات تباعاً في خزائن نادي دبي البحري، ومن أسس الميدان وتفاصيل الميدان وروعة الميدان يمتلك فكراً يتجاوز حدود الزمن وما إبداع (مونتروسو) إلا حصاد ذلك الفكر.

وفكرة شراء نادٍ في أوروبا وعلى وجه التحديد في بريطانيا العظمى كان فكرة من نسج خيال يرمي بأفقه خارج حدود الكوكب، كيف لا والفكرة العبقرية لامست أرض النجاح، فكان مولد بطولة انتظرها عشاقها 44 سنة، وكم هو رائع هذا المولود، وكم هي عزيزة هذه البطولة، الدوري الإنجليزي يتكلم «الإماراتية» بطلاقة، هذه حقيقة فالشيخ منصور بن زايد آل نهيان، أثبت أنه كان واقعياً في أحلامه، في الوقت الذي رآه البعض يطير في فضاء من الأحلام الوردية بعيدة التحقق، مبروك للمان سيتي، والذي يجب أن نسميه بعد اليوم (المان صور).

ضربة جزاء

قادمنا، صعب مستصعب، في انتخابات اتحاد الكرة، فما عايشناه في الفترة الماضية من تأجيج واتهامات وقذائف وألغام، ينذر بأن قادمنا في منتهى الصعوبة والرؤية ضبابية إن لم تكن سوداوية الملامح، لأننا يبدو والله أعلم لا زلنا نجهل أبجديات الروحية الديمقراطية، ولا نمتلك مقدمات مفهوم الرأي الآخر الذي يقول (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)، لأن مفاهيم التكاملية العمل بلا تقاطع في الأهداف، لكن يبدو أننا نسير بطريقة حلبات الملاكمة فمن ينجح عليه أن يسقط المنافس، حتى لو كان السقوط بالضربة القاضية.

لا يا سادة يا كرام.. بعدت بيننا الشقة للدرجة التي أصبحنا ننظر لممثلي الانتخابات على أنهم أعداء، والضرب كله تحت الحزام كما يقولون، بل أصبحنا متخوفين على مكتسبات كرة الإمارات في قادم الأيام، إذا كانت لغة التخاطب بهذه العدائية من مرشحين من المفترض أن يسيرا بكرة الإمارات في اتجاه متوازٍ، ولكن كان الله في عونك يا مستقبلنا الموعود.

صافرة النهاية

دل بييرو، أسطورة تترجل في معقل السيدة العجوز، أسطورة قدمت جل الوفاء والعطاء لتبقى محفورة في وجدان اليوفي، فقد تعودنا أن نشاهد النجم يبكي وهو يلوح بيديه مودعاً، لكن أن تنعكس الآية وتجري دموع الجماهير فهذا هو غير المألوف، دل بييرو الذي وضع توقيعه على عقده الماضي وقال لإدارة النادي ضعوا الرقم الذي تريدون، وأيضاً هذا عكس ما يفعله النجوم، دل بييرو ليس مجرد نجم وأنطفأ بل هو لاعب من خانة الأساطير التي لا تتكرر في الملاعب بهذه الروعة، شكراً لك ولكن بكل تأكيد فقد أيتمت السيدة العجوز.

حكمة اليوم

لا يوجد من يخطط للفشل لكن يوجد من يفشل في التخطيط.