صافرة البداية:

لم تعد الكرة الأرضية تتسع للمزيد من الألوان والانتماءات الأخرى، فقد وجدت ضالتها في البرشا والريال ولا عزاء للآخرين، كرة القدم بعولمتها الأخيرة وحاكميتها على القلوب قدمت أسبانيا على راقصي السامبا وعاشقي التانجو بل على ماكينات ألمانيا في التصنيف العالمي، وطوفان التحدي بين البرشا والريال لم يعد حكرا على أسبانيا فقط، بل تعداها ليحلق في أرجاء العالم بأسره.

ولم تعد موسيقى الفلامنغو حصرا على الآذان الأسبانية، بل أصبحت عالمية الطرب، هكذا هي أسبانيا التي تحكمت في القلوب والعقول والهوى، وهي التي ترمى بخمسة من أنديتها في بطولتي أوروبا من أصل ثمانية فرق متنافسة، نعم أسبانيا تجني تعب السنين، نعم أسبانيا تقدم نجمي الشباك، نعم العالم ينقسم بين اللونين الأبيض من ناحية والأزرق والأحمر من ناحية أخرى، إضافة للحالة الطربية التي يحييها الرائعان ميسي ورونالدو فلم تشهد الكرة العالمية صراعا كهذا على مستوى التاريخ.

فما يقدم من قدرة على تحطيم الأرقام القياسية حتى التي بقيت صامدة لسنوات طويلة شيء مذهل جدا، صراع يسير بخطين متوازيين لا يتقاطعان إبداع يتناثر بين الاثنين للدرجة التي تبتعد معها كل الأسماء من حمى السباق المجنون والمحموم، لهذا تجد الكرة الأرضية مقسومة بين ميسي ورونالدو وبين البرشا والريال هكذا هي صناعة الرياضة المنتجة، هكذا يفكرون جزيرة للأحلام المدريدية في إمارة رأس الخيمة.

هي العولمة الرياضية بكل تأكيد وبتفسيرها البسيط هي سيادة الثقافة الواحدة فكل العالم يلبس الجينز وكل العالم يأكل ماكدونالد وكذلك كل العالم ينتظر بشهية مفتوحة وجبات فنية مقدمة من ميسي الذي يتأبط إبداعا ولفواصل مثيرة من رونالدو، حتى وفارق النقاط يصل للأربعة لدى المدريديين ويصل للنقطة لعشاق البرشا، الذين يرون في مباراة العودة في ملعب (الكامب نو) مجرد 90 دقيقة مضمونة النتيجة، هنيئا لهذا الجمهور الذي يعيش هذا العصر، إنه عصر الكرة القادمة من الكواكب الأخرى.

ضربة جزاء:

فشل كاتانيتش لأن الأبيض لم يسجل في البطولة الآسيوية بقطر رغم توافر عديد الفرص وعاد وفي تصفيات مونديال البرازيل أقيل لأنه لم يستطع حل المعضلة الرئيسية وهي إنهاء الهجمات وتسجيل الأهداف ذهب كاتانيتش وبقيت المشكلة حية ترزق تكبر يوما بعد يوم في أحضان دورينا ولنعيد قراءتها من جديد.

الأبيض لا يزال بلا أنياب فلن يكون مفترسا في الاستحقاقات القادمة خصوصا في ظل الهيمنة الأجنبية على خط ال 18 بالكامل فالمهاجمون المواطنون لا يلعبون في أنديتهم محليا فكيف يسجلون دوليا هي قضية ملحة جدا نتناساها في ظل هيمنة دورينا، فدائما يربط العقلاء والمناطقة المقدمات بالنتائج فإذا كانت المقدمات صحيحة فالنتائج صحيحة والعكس صحيح. لهذا هل فكرنا يوما في حال الأبيض الذي أصبح بلا أنياب، وإلا لم يأت الموعد بعد ولن نوجع رأسنا بالتفكير في المستقبل مجرد تأملات.

صافرة النهاية:

الجزيرة وبني ياس في نهائي أغلى البطولات، كأس صاحب السمو رئيس الدولة، البطولة الحلم، البطولة المتوشحة بأغلى الأسماء، بني ياس يعود من بعيد ويتذكر بدايات التسعينات، بني ياس الذي يريد بهذه الكوكبة الذهبية أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، والجزيرة الذي يريد إنقاذ موسم كنا نظن أنه موسم الحصاد، ولكن جاءت أحلامه في دورينا بعيدة عن كل القدرات على أرض الملعب، وإن كان رائعا آسيويا يقدم وجها حضاريا لكرة الإمارات، ولكن إذا أحس الآخرون أن لديهم أعذارا بعدم المنافسة، فلا عذر للجزيرة الذي يمتلك ترسانة إبداع، لكنها لم تفعل بالطريقة المناسبة فخابت الأحلام، وكما يقولون يضحك كثيرا من يضحك أخيرا، فمن يبتسم في مشهد الختام وفي مسك الختام؟.

حكمة اليوم:

ليس خطأك أن تولد فقيرا، ولكنه خطأك أن تموت فقيرا!