بعد أن بدأ الموسم الرياضي يحزم حقائبه ويلملم أوراقه استعداداً للرحيل، وبعد أن أسدل ستائر أيامه ليكتب عليها أنها مجرد ذكريات، باكية أو ضاحكة، وبعد أن نجح البعض وفشل البعض الآخر، من الحالمين بلا عمل، بدأت مباشرة حمى الانتخابات تطل برأسها في رياضتنا، وبدأت صالونات التجميل الرياضي ومعامل المكيجة تعمل بالفاعلية المطلوبة.

وارتدى البعض أقنعة الحفلات التنكرية المطلوبة للقيام بدور البطولة، وبدأت لعبة التربيطات والتكتيكات والخطط الهجومية والدفاعية، تمهيدا للوصول لنقاط الاتحادات والجلوس على عرشها، وسيبدأ الحرس القديم ممن انتهت فترة صلاحيتهم يلملمون أوراق الرحيل، وما تبقى من ذكريات، فبعضهم مر بلا أثر يذكر كأضغاث أحلام، وكعابر سبيل، وبعضهم علم من فوقه نار.

كما حدث مع محمد خلفان الرميثي الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم والذي كانت له كل الإمارات بطاقة حب ووفاء، لم ينسه الصغير والكبير، لأنه عمل بجد وإخلاص فكانت بصماته ماثلة للعيان، لم يخرج من الباب الخلفي بل كان شجاعا حتى وهو يترجل، فما قدمه أبو خالد يبقى خالدا فهو من أعاد عقارب الإبداع لكرة الإمارات ورسم ملامح المستقبل الجميل بريشة وردية، قدم المدرب المواطن على طبق من ذهب، وهو الذي كان يتسول مجرد فرصة ظهور، حتى وجد نفسه في الواجهة يلعب دور البطولة، فجاءت البطولات تتهادى.

ضربة جزاء:

عتب كبير قدمه المهذب جدا مهدي علي صاحب الأيادي البيضاء على الانجازات الأخيرة لكرة الإمارات، المدرب الذي أنسانا أصحاب القبعات والعيون الملونة، بل جعلهم منه يستلهمون فكرهم، ويتتلمذون على يديه مهارات التكتيك، مهدي الذي أحس بطعنات نجلاء في خاصرته من إعلامنا الموقر، وأساطين التحليل الجاثمين على صدورنا بثقة كبيرة بطريقة ياجبل ما يهزك ريح!! والمنظرين للرياضة الإماراتية بألسنتهم فقط، والقادرين على التلون وتغيير المواقف كقدرتهم على تغيير الكنادير والبدل، مهدي انطلقت للأمام فلا تنظر خلفك، إنك تاريخ يتحدث، رغم أنك قليل الكلام وهذا سرك الجميل، الذي أتعب الكثيرين ممن حاولوا التجول في أفكارك.

وقراءة إبداعك ففشلوا مع سبق الإصرار والترصد، مهدي يكفيك فخراً أن الشارع الرياضي يحني قامته إجلالاً لك، ويكفي أن المنصفين من البشر ينظرون إليك كمثل أعلى في الإرادة والصبر، وينظرون لك كأفضل الشخصيات القادرة على إحداث التغيير المطلوب، هناك من راهنوا على فشلك فزادهم نجاحك إحباطاً فوق إحباطهم، لأنهم لا يرون إلا النقطة السوداء على الثوب الأبيض، مهدي اذهب بأحلامك إلى أين تشاء فكلنا ثقة بأن كرتنا معك تسير إلى خير، لأنك تعلم جيداً خارطة الطريق.

صافرة النهاية:

لا أود أن أذهب بخيالي بعيداً لأقول: إن ماجد ناصر أراد بقرار الاعتزال دغدغة المشاعر الإماراتية، والتأثير في الرأي العام في قادم الأيام، قبل استئناف الوصل للعقوبة، وهو النادي العريق وإمبراطور الأندية الإماراتية، الذي كانت شرايينه تغذي كل المنتخبات الوطنية، وهو النادي الذي وصفوه بأنه ليس مجرد نادٍ، إنه لجنة أولمبية، نريد أن نقول (تعالوا إلى كلمة سواء) لا نريد عقوبة الإعدام وكفانا نجوماً كانوا ملء السمع والبصر لكنهم ذهبوا في غمضة عين، قد نجد لهم العذر سابقا لأنهم لم يدخلوا عالم الاحتراف الحقيقي.

ولم يتقاضوا إلا ملاليم مقارنة بجيل اليوم، ولم يكونوا قادرين على تغيير ألوانهم وانتماءاتهم، فقد كانوا يلعبون بطريقة (من المهد إلى اللحد) أي لا يمكنهم تغيير ناديهم مهما كابدوا من ضغوط، ومهما واجهوا من مصاعب، ماجد عودتك بيدك، والقرار لك بأن تعود أكثر قوة وقدرة على الإبداع والتألق، وحماية عرين الأبيض، والتحكم في أعصابك، وإلا فاعتزالك رحمة لك.

حكمة اليوم:

سقوط المرء لا يعتبر فشلاً... إنما الفشل أن يبقى حيث سقط!!