شركة مصرية ناشئة توفر بيانات طبية للمرضى

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما صادف الطبيب المصري حديث التخرج، أندرو سعد، وصول مريض مُسن إلى قسم الطوارئ، وهو يعاني من ألم في البطن غير معلوم السبب، وليس لديه سجل طبي، يُساعد في تشخيص حالته المرضية، أدرك حينها مدى صعوبة الموقف بالنسبة للمرضى، ومُقدمي الخدمات الطبية في التعامل مع الحالات الطارئة، دون توافر سجل طبي، يضم البيانات الوافية عن تاريخ حالة المريض.لم تمر تلك الحادثة على الطبيب أندرو سعد مرور الكرام، ولكنها جعلت ذهنه يتفتق على الفور، عن فكرة تجعل السجلات الصحية للأفراد متاحة بسهولة لأي فريق طبي يتعامل مع أي مريض في حالات الطوارئ، بغض النظر عن الحالة العقلية أو الاجتماعية أو الاقتصادية لذلك المريض، أو حتى وجود نظام دعم اجتماعي.

ويقول الطبيب سعد عن الفكرة: «تتوافر السجلات الصحية، إما في صورة إلكترونية أو صورة ورقية. ويتم الاحتفاظ بهذه السجلات عادة في المستشفى، ولا تكون متوفرة مع المريض في الأغلب، عندما يذهب إلى مُقدم خدمات طبية في حالات الطوارئ، بخلاف مُقدم الخدمات الطبية المتعامل معه في الأساس».

وتمثل مسألة قابلية نقل السجلات الطبية للأفراد، مشكلة، ليس فقط في مصر أو دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إن عملية تبادل السجلات الطبية للمرضى بين القائمين على أنظمة الرعاية الصحية المختلفة، حتى في الدول المتقدمة، ومن بينها الولايات المتحدة، التي تعتمد في عملها على التسجيل الإلكتروني للسجلات الطبية على نطاق واسع، هي عملية معقدة وغير فعالة.

تحوّل الفكرة إلى حقيقة

انضم أندرو وشركاؤه الخمسة في المشروع في فبراير 2019، إلى برنامج مُسرع الأعمال المصري «فلك»، وبالفعل، تم تدشين شركة «بيباس». وتوفر الشركة بطاقة هوية طبية موحدة، متصلة بمنصة عبر الإنترنت، حيث يتم حفظ السجلات الطبية، ويمكن لمُقدمي الخدمات الطبية الاطلاع عليها.

وقد قام أندرو وفريقه باستطلاع رأي المتخصصين، بشأن هذه الفكرة، قبل تدشين الشركة، وذلك من خلال عرض الفكرة نفسها، خلال عدد من المؤتمرات الطبية. وقد حظيت الفكرة باهتمام كبير.

ويقول أندرو: «كانت الاستجابة الأولية للسوق بالنسبة للفكرة مشجعة للغاية. وإن كان بعض الأطباء لم يعتقدوا حتى أن الفكرة حقيقية، وأن بطاقة بقيمة 50 جنيهاً مصرياً، يُمكن أن توفر للمرضى ما يُمكن وصفه بالهوية الطبية، علاوة على بعض الخصومات على الخدمات الطبية».

ويعتبر «كارت الصحة»، بطاقة فعلية متصلة بمنصة الشركة الموجودة على الإنترنت. وبالإضافة إلى توفير شركة «بيباس»، المعلومات الطبية الأساسية، مثل: فصيلة الدم والحساسية لبعض الأدوية والحالات الطبية المزمنة، فإنها تقدم كذلك برامج مجانية لمُقدمي الخدمات الطبية، علاوة على دعم فني مجاني، لتمكينهم من التواصل مع المنصة عبر الإنترنت، لحفظ البيانات الطبية للمرضى، وإرسال نتائج تحاليل المختبرات، وكذلك الأدوية الموصوفة للعلاج. ومن ناحية أخرى، سيقدم بعض مقدمي الخدمة خصومات لحاملي هذا الكارت.

كان الحصول في البداية على دعم المجتمع الطبي لمُنتج تقني جديد في السوق، أمراً صعباً، ولكنه كان عاملاً هاماً، لتكتسب هذه الفكرة الزخم الذي تحتاجه للمُضي قُدماً.

ويوضح أندرو مدى صعوبة تقديم منتج جديد في المجال الطبي، قائلاً: «تعتبر العلامات التجارية الشخصية، بالنسبة لمقدمي الخدمات الطبية، أمراً هاماً للغاية، وله قيمته».

من الآلام إلى النمو

وعلى الرغم من اكتساب المشروع للدفعة الأولية في مسيرته في السوق، فإن الحفاظ على النمو يُمثل تحدياً، وهو أمر أكثر تعقيداً من المعادلة التي تقول بأن استثمار المزيد من الأموال في عملية التسويق، يؤدي بشكل طبيعي إلى مزيد من النمو والوجود على نطاق أوسع.

ويُشير أندروا قائلاً: «الورق بالنسبة لفكرة مشروعنا، هو ألد الأعداء. وكان من الصعب جداً تثقيف وتغيير النظام الورقي المتبع داخل العيادات والمؤسسات الطبية».

ساهمت عملية الطلب المفاجئ على خدمات «بيباس»، في فتح آفاق النمو في هذا القطاع من السوق، ومن ثم انتقلت الشركة لتحدٍ آخر، ألا وهو كيفية الحفاظ على استمرارها في تقديم منتج عالي الجودة، وإرساء شبكة قوية، وتوفير الدعم للعملاء.

وتمتلك الشركة في الوقت الحالي، أكثر من 1000 شريك من مقدمي خدمات الرعاية الطبية، حيث تضم القائمة عدداً كبيراً من المؤسسات الطبية الرئيسة، التي تتنوع ما بين مختبرات ومستشفيات وعيادات وصيدليات.

ومن المفارقات المثيرة للاهتمام، أن ظهور جائحة «كوفيد 19»، أثرت بالإيجاب في أنشطة «بيباس»، حيث شهدت قاعدة العملاء، وفقاً لما ذكره أندرو، زيادة كبيرة، وبصورة أسرع، ولكن الإيرادات الفعلية انخفضت، حيث توقف العديد من مُقدمي الخدمات الطبية، خاصة العيادات الصغيرة، عن العمل خلال فترة الإغلاق في مصر. واستجابت الشركة لتلك المستجدات، بتوجيه المزيد من الجهود، لتعزيز الخدمات عبر الإنترنت.

ويعود أندرو للحديث قائلاً: «نتطلع إلى إضافة المزيد من الميزات، من خلال إرساء شراكات مع منصات أو هيئات تقدم خدمات طبية رقمية أخرى، مثل: منصات حجز مواعيد الكشف، وخدمات توصيل الأدوية، ومنصات العلاج عن بُعد».

وتُجري الشركة حالياً مناقشات مع مقدمي خدمات العلاج عن بُعد، لتوفير مثل هذه الخدمات لحاملي بطاقات «كارت الصحة». وبالإضافة إلى ذلك، يعمل أندرو وفريقه على توسيع نطاق عمل الشركة، لتغطية العديد من المناطق الجغرافية في القاهرة والإسكندرية. ويختتم أندرو الحديث بقوله: «لقد كنا نعمل في السابق بصورة أكثر نشاطاً في منطقتي الدلتا وصعيد مصر».

 

Email