اليابان.. الدروس والعبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أتعلمون لماذا دائماً ما نضرب المثل باليابان، ولماذا نقدمها صورة ناصعة في مجالات كثيرة، وفي كرة القدم تحديداً؟

ارجعوا لمباراة المنتخب الياباني الأخيرة أمام بلجيكا في مونديال روسيا 2018، وستعرفون لماذا، صحيح أنه خسر تلك المباراة بهدفين مقابل ثلاثة، وخرج من الحدث العالمي، لكنه ترك وراءه بصمات وحكماً وعبراً ودروساً، تؤكد صحة نهج وفكر اليابانيين، فالتخطيط لتحويل منتخبهم من مجرد عابر سبيل في مختلف البطولات الكروية، سابقاً، إلى رقم صعب قارياً وعالمياً بدأ يؤتي ثماره.

منتخب اليابان تحول من مجرد ضيف خفيف الظل في القارة الصفراء قبل سنوات قليلة مضت، وكان بمثابة الحمل الوديع الذي لا يؤثر في صراع المنافسة ولا المنتخبات الكبيرة، تحول إلى فريق يشار له بالبنان، ونال لقبه الذي يستحقه «الساموراي» عن جدارة، فقد تحول إلى فريق يضم نخبة المحاربين الذين وضعوا أنفسهم لخدمة تطور الكرة اليابانية.

ما أزال أتذكر كيف كانت المشاركة اليابانية المتعثرة في بدايات عهده الكروية آسيوياً، وكيف تطور من عام إلى عام ومن مشاركة إلى أخرى، حيث بات ذلك المنتخب الذي يحجز بطاقته إلى البطولات الكبرى مسبقاً، فنهائيات كأس آسيا هو ضيفها الدائم ومرشحها الأبرز، وفي نهائيات المونديال أصبح مع زميله الكوري الجنوبي ضيفين دائمين، وأنا هنا لا أتكلم عن عقود طويلة، بل عن ما لا يزيد عن 25 عاماً فقط شهدت كل هذه التطورات في مستوى منتخب اليابان.

نضرب المثل بالمنتخب الياباني كروياً، لأنه قدم لنا المثال الحي على حسن التخطيط والاستراتيجية المستقبلية متوسطة وطويلة الأمد، قدم لنا أمثلة على كيفية نقل فريقك من تحت الصفر إلى القمة، من مجرد منتخب يتعرض للخسارة أمام نظيره الفلبيني بـ 19 هدفاً إلى أكبر أبطال القارة الآسيوية، إلى فريق يتواجد في كل نهائيات كأس العالم منذ مونديال 1998، ويحقق الصعود للدور الثاني في مشاركتين، آخرها المونديال الحالي.

لن نستغرب إذا ما تحققت الرؤية اليابانية بأن يكونوا أبطال مونديال 2050، فكل ما خططوا له في المدى المتوسط تحقق، فها هم ، كما ذكرت، أبطال القارة الآسيوية، وها هم يتواجدون في المونديال بصورة دائمة، وها هم ينافسون أكبر الأسماء العالمية، ويسببون لهم الكثير من الحرج.

«الساموراي» كان على بعد 20 دقيقة فقط من إبعاد المنتخب البلجيكي، أبرز المرشحين في مونديال 2018، بل إنه وصل إلى حد كبير من الثقة، جعله يضغط على البلجيكيين في نصف ملعبهم حتى الوقت المحتسب بدل الضائع بغية تحقيق الانتصار المبكر دون الوصول إلى الشوطين الإضافيين، هي جرأة لم يفعلها منتخب بمقاييس اليابان من قبل على حساب منتخب يحتل المركز الثالث في التصنيف العالمي.

صافرة مونديالية..

دعونا نستفيد من مشاركة اليابان في روسيا، دعونا نستلهم العبر ولا نكتفي بالتصفيق وترديد إعجابنا بالساموراي في المجالس والمنتديات فقط، دعونا نلحق ما تبقى من زمن قبل أن يسرق كل ما لدينا.. الحديث لم يفهمه.

Email