100 كاتب إماراتي

هذا الحدث الثقافي الكبير، الذي شهد توقيع مئة كاتب إماراتي على كتبهم في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، لا يمكن قراءته إلا باعتباره علامة فارقة في المشهد الثقافي المحلي، تتقاطع فيه رمزية المكان مع دلالة الزمان، وتتكثف فيه معاني الاحتفاء بالكلمة والإبداع.

ويوم الكاتب الإماراتي ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو اعتراف رسمي وثقافي بدور الكاتب في بناء الوعي الوطني، وتشكيل الهوية، وترسيخ قيم الإبداع والمعرفة، إنه يوم لتكريم القلم الذي لطالما كان شريكاً في التنوير والتنمية، ورافداً للوجدان الجمعيه.

ويأتي الاحتفال بهذا اليوم ليؤكد أن الكاتب في الإمارات في صميم الحراك الثقافي ومركزه.

لا يمكن الحديث عن نهضة أدبية حقيقية من دون مؤسسات تؤمن بالكلمة وتحتضن أصحابها. وقد أدت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية دوراً محورياً في هذا السياق، ليس فقط من خلال دعم النشر والأنشطة الثقافية، بل أيضاً عبر مبادرات نوعية تُكرّس الحضور الإبداعي الإماراتي في المحافل العربية والدولية. وتبرز أهمية المؤسسات الثقافية ككيانات توفر فضاءً حيوياً للكتّاب للتلاقي والتبادل، والتفاعل مع الجمهور.

أن يتزامن هذا الحدث مع مئوية الشاعر والفاعل الثقافي الكبير سلطان بن علي العويس، فهذا يضفي على المناسبة بُعداً تاريخياً ووجدانياً خاصاً، فالعويس لم يكن مجرد شاعر، بل كان رمزاً من رموز الثقافة في الإمارات، ومؤمناً بدور الأدب والفكر في تطوير المجتمعات.

إن اجتماع 100 كاتب إماراتي في مكان واحد لتوقيع 100 كتاب هو حدث لا يرمز فقط إلى الزخم الإبداعي الذي يشهده الوطن، بل يعكس أيضاً تنوع الأصوات والرؤى والتجارب، هو رسالة مفادها أن الساحة الأدبية الإماراتية لم تعد محصورة في عدد من الأسماء، بل هي في اتساع دائم، تحملها أجيال متعددة، وتجارب متباينة، ورؤى تتقاطع في خدمة الوطن والإنسان.

هذا التجمّع الثقافي في مؤسسة العويس يشكّل لحظة مضيئة في ذاكرة الثقافة الإماراتية. إنه تأكيد على أن الإمارات، وهي تحتفل بيوم كاتبها، إنما تحتفي بذاتها، بهويتها، بتاريخها، وبمستقبلها. إن هذا الحدث أكثر من مجرد توقيع كتب؛ هو دعوة للقراءة، للتفاعل، للمشاركة في تشكيل الوعي الثقافي، هو تكريس لفكرة أن الثقافة ليست ترفاً، بل ضرورة، وأن الكاتب ليس بعيداً عن الناس، بل جزء منهم، يعيش قضاياهم، ويعبّر عن أحلامهم.