قِف.. عُد لطبيعتك

لدى البعض هوس أن يعيش في واقع حياتي غير صحيح، يقدم من خلاله نفسه للآخرين بصورة مزيفة، لا تعكس واقعه وشخصيته، يقوم بشراء سيارة فارهة، تثقل كاهله مادياً، أو يقترض المال للسفر، رغم أن لديه التزامات أكثر إلحاحاً، أو يقوم بشراء جهاز هاتف جديد كل بضعة أشهر، في مطاردة لكل حديث في هذا المجال، بالإضافة للعديد من السلوكيات اليومية الخاطئة، كارتداء الماركات، وآخر الصيحات في مجال الملبوسات، فضلاً عن تناوله للطعام في أشهر المطاعم والمقاهي.

يقدم صورة باذخة غير صحيحة، بأن هذه حياته، هذه الممارسة والسلوك يؤدي إلى ضياع المال والوقت والجهد، فالعمل الذي يبذله والوقت الذي يقضيه، لم يتم تقديره جيداً، ولم يدرس نتائجه، ولم يقم بوضع أهداف قريبة وبعيدة المدى للتدبير المالي.

المشكلة التي تظهر مع كل من يمارس هذا السلوك الاستهلاكي، أنه يضع اللوم والعتب على الحياة وصعوبتها، وتحميل الآخرين الأخطاء، ودون شك أن مثل هذا التخبط وممارسة هذا السلوك الاستهلاكي دون رقيب أو حسيب، هو الذي سيوصل إلى نتيجة شعور البعض بعدم الاستقرار، أو عدم الراحة في حياتهم، ويبقى الشعور بالمرارة والألم، أحد الأضرار النفسية، وتبقى الالتزامات المالية الملحة تجاه مؤسسات مالية، تتطلب تسديد الفواتير مع الفوائد، تعكر صفوه، وهو ما يعني غياباً لبهجة الترفيه والسعادة.

إن كنت من الناس الذين يشعرون بأن راحتهم تكمن في إظهار الثراء للآخرين، أعلم أنه شعور خادع وغير حقيقي، ومع الاستمرار، ثق بأن هذا السلوك سيؤثر في استقرار حياتك برمتها، وعندما يتجاوزك هذا الشعور ليتلبس بأطفالك، فإن التعب النفسي والمعاناة ستستمر وتتواصل.

قد لا يشعر البعض بكل هذه النكبات «إن صح التعبير»، ولا يدرك أن ما يقوم به من تصرفات خاطئة، كإنفاق المال في سلع استهلاكية ثانوية غير ملحة، لا ينم عن إرضاء للنفس، بقدر أنه سلوك سيمتد ليؤثر في مفاصل حياتية أخرى، على درجة عالية من الحيوية والأهمية، مثل تربية الأطفال، واستقرار الأسرة والمستوى المعيشي الحقيقي الذي يعيشونه. لكل من يحاول عيش هذه الحياة، أقول: توقف، عُدْ لطبيعتك، وكن كما أنت، دون زيادات غير مهمة، توقف حتى تسعد، وتشعر فعلاً بالراحة والهدوء.