أنت حر ما لم تضر

ت + ت - الحجم الطبيعي
يعتبر الحوار من المهارات الاجتماعية التي لا يجيدها الجميع بشكل فعال، ذلك إن استخدامنا لكلماتنا يعتبر فناً، كما قال سقراط: «تكلم حتى أراك».
 
البعض منا في الحوارات والنقاشات قد يؤذي بكلماته من حوله، وذلك بتضمينه كلمات محملة بالتهم المبطنة أو المباشرة أو بكلمات جارحة وقاسية، والعذر أن تلك الكلمات تدخل تحت إطار النقد والحوار والطرح بحرية، ولكن للأسف البعض لا يعلم أن الحرية إذا فقدت في الحوار فقد الحديث جوهره ومكانته، ذلك أن من مبادئ الحوار الناجح الاحترام الذي يقوم على فهم آراء ووجهات نظر الآخر والبعد عن تناول الذات الشخصية لصاحب الرأي.
 
«أنت حر ما لم تضر»، وردت هذه العبارة على لسان بعض الحكماء، ومعناها: اصنع ما شئت ما دمت لم تتجاوز حدود اللباقة، وحرية الإنسان تنتهي عند الوصول إلى حق غيره؛ فكما لك حرية فلغيرك كذلك، وعند الاعتداء على حرية الغير، تنتهي حرية الفرد تماماً.
 
لذلك نحن مسؤولون عما نكتبه ونقوله ونناقشه مع الآخرين، فالحرية في الحوار، هي الاحترام والالتزام بالحدود دون الدخول في الهمجية والفوضى وإلقاء التهم على الآخرين، ويومياً نشاهد على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الكلمات والعبارات التي تدخل تحت إطار الشتم والإيذاء وربما تصفية الحسابات، الحوار في أبسط معالمه هو فن اختيار الكلمات والاستفادة من تجارب الآخرين وأن يكون لدينا حس قوي بالاستماع وأخذ الفائدة، فالحوار الناجح هو الذي يؤدي إلى نتائج واضحة ويزيل أي لبس، ويستفاد منه بالمعرفة والفهم والتفاهم.
 
لذلك نحتاج لنشر ثقافة الذوق العالي في الحوار والتخاطب والتحاور بالكلمات البناءة القائمة على مبدأ الاحترام المتبادل والاختلاف لا الخلاف، ومحاولة البعد عن التعصب الذي يثير الحقد، وتجنب الألفاظ التي تثير الكراهية، المطلوب أن تثير فينا الحوارات مع الآخر مهارة التفكير، والتأمل، وأن تكون ممارسة وجزءاً من حياتنا، وكما قال الفيلسوف الشهير أفلاطون: «التفكير حوار الروح مع ذاتها».
 
Email