دوام الحال من المحال

ت + ت - الحجم الطبيعي

طبيعة الحياة برمتها تقوم على التحول الدائم، فلا يمكن أن ترصد أي تفصيل أو جزئية إلا وتجدها تتغير على الدوام، بل حتى في أنفسنا نلاحظ التبدلات والتغييرات اليومية التي تحدث، منذ الولادة وحتى الممات، لا فكاك أو مهرب من التحرك والتغير، أردنا هذا أم لم نرغب به، وفي نطاق المجتمعات البشرية بصفة عامة تكون ملامح التبدلات والتغييرات ماثلة ولا مجال لإنكارها أو رفضها ومحاولة إيقاف عجلة الزمن لأي سبب كان.

كثير من علماء الاجتماع رصدوا تحولات كبيرة حدثت في المجتمعات، ولعلّي أستحضر بعضاً منها، فمثلاً تغيرت طريقة تعاطي الناس مع الأحداث اليومية، خاصة مع دخول تقنيات الاتصالات الحديثة وما يعرف بالهواتف الذكية، التي أحدثت نقلة كبيرة في مسيرة البشرية، وجعلت الكون أشبه بقرية صغيرة، ولا تزال التطورات متواصلة، فنحن اليوم بتنا نعيش عصر الميتافيرس والذكاء الاصطناعي.

وأمام كل هذه القفزات البشرية، والتطورات المهولة، والزخم المعلوماتي اليومي الذي يوضح سرعة تغير المشهد، ما زالت هناك فئات ترفض التصديق وتقاوم مثل هذه الحقائق البديهية، والغريب في الأمر أن هناك من يرفض التغييرات، بل يقاومها، ولا يتعامل معها بذكاء وحرفية، ويحاول أن يقف أمامها ويعيق تقدمها، وهذا الفعل رغم استحالته، ورغم عدم نجاح أي محاولة في هذا المجال، إلا أن بيننا من يختار إضاعة الجهد والمال والوقت، ويضع الخطط ويقوم بأعمال لن تحقق الهدف ولا القصد منها، فالتغير يجب أن تتعامل معه بذكاء ومهارة، وتسير في ركبه، والشواهد متنوعة لأمم تخلصت من تركات الماضي المحملة بالتخلف، وأصلحت حالها وحال إنسانها، وانطلقت نحو العدالة والسعادة، لأنها آمنت بسُنة كونية وضعها الله، وهي دوام الحال من المحال، وأن الخطأ لن يستمر، والانحراف عن الفطرة البشرية الإنسانية لن يدوم مهما كانت الأساليب والأدوات.

Email