اللغة العربية إلى أين؟ 24

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أهم الحواجز التي تقف بين العربي ولغته العربية حاجز عدم الفهم، وهو يشكل العدو الأول لهذه اللغة، فعدم فهم قواعد هذه اللغة ونحوها وصرفها يمنع العربي من تعلم لغته والتحدث بها بالطلاقة المطلوبة وبالشكل الصحيح. وعدم الفهم يرجع إلى معلمي هذه اللغة الذين يلقون الدرس بشكل رتيب من دون أن يتأكدوا من أن المتلقي قد فهم ما شرحوه بكلمات تحتاج هي نفسها إلى شرح وتوضيح.

ورغم سهولة فهم قواعد هذه اللغة بنحوها وصرفها إلا أن القائمين على وضع مناهجها والمنفذين لهذه المناهج هم الذين يجعلون السهل صعباً بما يضيفون لهذه القواعد من كلمات ومصطلحات. وهذا الحاجز المصطنع يجعل من المستحيل أن يشعر المتلقي بحب هذه اللغة العصية على الفهم، وعدم وجود الحب بين العربي ولغته أهم أسباب تراجع أعداد القادرين على التحدث بها من دون أخطاء.

ومن خلال خبرتي وبحثي في هذا المجال وجدت أن غياب الحب أكبر عائق أمام تعلم اللغة العربية. ولولا الحب ما الذي دفع عالم اللغة العربية سيبويه وهو غير عربي إلى أن يضع المرجع الأعظم في نحو وصرف هذه اللغة، ولم يسمِّ هو نفسه المرجع ولكن علماء النحو بعد وفاته سموه الكتاب؟

الاسم الحقيقي لسيبويه هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري المولود في شيراز عام 148 هـ، أما اسم سيبويه فهي كلمة غير عربية تعني رائحة التفاح وقد أطلق هذا الاسم عليه أمه التي كانت تجد رائحته دائماً طيبة. ومن أشهر الحكايات التي تؤكد مدى حبه للغة العربية حكاية كلمة حتى، التي قال فيها: أموت وفي نفسي شيء من حتى.

فحينما بحث في هذه الكلمة وجدها متعددة المعاني والدلالات.

فهي تأتي حرف جر مثل: ((سلامٌ هي حتى مطلع الفجر)).

وهي تأتي ابتدائية لا محل لها من الإعراب مثل: حتى رأسُ السمكةِ أكلته.

وهي تأتي حرف نصب للفعل المضارع مثل: سآكل السمكة حتى أصل إلى رأسها.

وحاول سيبويه أن يجد في اللغة العربية كلمة أخرى تقوم بكل هذه الأعمال فلم يجد، وظل في بحثه هذا إلى آخر عمره ولما لم يجد ما يشبهها قال: أموت وفي نفسي شيء من حتى.

طبعاً هناك علماء عرب كثيرون غيره عشقوا هذه اللغة وصاغوا لها قواعدها التي لم يضعوها بل وجدوها مع هذه اللغة العظيمة التي نزل بها كتاب الله. وما أجده ضرورياً لعودة اللغة إلى أهلها وعودة أهلها إليها هو إزالة حاجز عدم الفهم وزرع المحبة بل العشق بين العرب ولغتهم.

وللحديث بقية.

Email