ها هي الأيام تمضي سريعاً، بالأمس كنا نستقبل شهر الهبات والعطايا، واليوم قارب شهرنا على النهاية، فالضيف بدأ يستعد لامّاً أيامه ونفحاته للرحيل، تاركاً في قلوب البعض حسرة وندماً على ما فرطوا، وفي قلوب آخرين فرحة بما اغتنموا من نفحاته.
تعد الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أفضل 10 ليالٍ للعبادة والعمل الصالح والتقرب من الله عز وجل. 10 ليالٍ مباركات، مضاعفات الأجر والثواب، لكل نفس نامت في أول رمضان عن الطاعات، وكست نفسها بثوب الغفلة والكسل، تنير طريق ما بقي من رمضان، فالعشر ما هي إلا سراج منير في عتمة اشتد ظلامها، ففي هذه الليالي تقبل الأعمال ويتضاعف الأجر، وفي كل ليلة يختار الله العتقاء من النار والفائزين بالجنة بإذن الله ومن دون عناء ولا سابقة عذاب. وتتميز هذه الفترة من شهر رمضان بفضل كبير ويسعى مختلف المسلمين للتقرب إلى الله من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة وتلاوة القرآن الكريم.
تبدأ العشر الأواخر من رمضان ابتداء من ليلة 21 رمضان، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان: إكثار العبادات، والاعتكاف، والتطيب، والاجتهاد في العبادة، وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فكيف بحالنا نحن؟ كيف لنا أن نضيع كنوز العشر ونحن أشد احتياجاً لها؟
فهيا لنغتنم عطايا الله لنا في عشر جاءت تمحو ما مضى، ولنشد الهمة؛ حتى لا يأتي يوم الحساب، فيقال لنا فيه: كم من جائعٍ حسب نفسه صائماً، وكم من مفلس ظن أن كفه مملوءة، وكم من خاسر ظن نفسه فائزاً، وكم من ضال ظن نفسه مهتدياً، فما أقرب الرب وما أغفل العبد.
تعايش مع أوقات العشر أنها آخر عشر لك هذا العام، واخرج منها ومن شهر رمضان ببداية حياة جديدة لك، تنعم بما تبقى لك منها بقرب من الرحمن وطاعته.