الخل الوفي.. عملة نادرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من منا يجد في نفسه القدرة أن يعيش دون أصدقاء؟ وحتى ولو وجد من يتغنى بالبعد عن الصداقة، فهو بطريقة أو أخرى يظلم نفسه، يقتل الفطرة السليمة والطبيعية داخل روحه المتوثبة المتطلعة للصديق والرفيق، ولو لم تكن الصداقة على هذا القدر من الأهمية لما شهدنا الإرث الإنساني يتغنى بها في حين، ويرثيها في حين آخر.

لكن ليس من طبع الصديق الوفي الغدر وطعن رفيقه والنيل منه في غيابه، وليس من طبع الأصدقاء التنكر والخيانة في أشد لحظات الحاجة إليهم. ورغم هذا فإن الخيانة تقع أحياناً ونسمع بالتنكر. ولكن الخيانة لم تمنع أو تحد من نمو الصداقة ووجود الأوفياء. وكما قال ليوناردو دافنشي:

لُم صديقك سراً، وامدحه أمام الآخرين.

في تراثنا العربي، قيل إن المستحيلات 3، وهي: الغول، والعنقاء، والخل الوفي، وكما قال الشاعر:

لما رأيت بني الزمان وما بهم خل وفي للشدائد أصطفي، أيقنت أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي. إذن الشكوى من شح أو عدم وجود الصديق الصدوق صادق الوعد الوفي، أزلية وهي ضاربة العمق في تفكيرنا المجتمعي، والذي نستخلصه ونضع اليد عليه من خلال هذا الواقع، ليس رفض الصداقة، وإنما الحث على التمسك بالصديق الذي تشعر بصدقه ووفائه، وأعلم أنه عملة نادرة جداً.

 

Email