الأخلاق.. هوية الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد نملك مبادئ قويمة، ومثلاً عليا رائعة، تجلب السعادة، جميعنا قد نحب، ونتمنى أن تسود معاني العدالة والتسامح والمساواة، لكننا دون أدنى شك نختلف في مستوى تلك المبادئ والقيم، نختلف حتى في تصنيف تلك القيم، وفي كيفية ترجمتها على أرض الواقع، بل نختلف في جوانب تنفيذ وبرهنة وتطبيق هذه القيم، لتكون مرافقة لجميع تصرفاتنا.

البعض «وهم قلة» يعتبرون الأخلاق كماليات حياتية أو «برستيجاً» اجتماعياً، ومظهراً يزينون به أوقاتهم وأحاديثهم، تماماً كمظهرهم وهم يرتدون المجوهرات والملبوسات الثمينة. في هذا السياق يقول المفكر والفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن: «الأخلاق ليست كمالات بمعنى زيادات لا ضرر على الهوية الإنسانية في تركها، وإنما هي ضرورات لا تقوم هذه الهوية بدونها، بحيث إذا فقدت هذه الضرورات فقدت الهوية، وإذا وجدت الأولى وجدت الثانية، بدليل أن الإنسان لو أتى ضدها، أي ساءت أخلاقه لعُدّ في الأنعام، بحيث يتعين علينا أن نعتبرها بمثابة مقتضيات، تدخل في تعريف هوية الإنسان نفسه، ولن يتأتى لنا هذا إلا إذا جعلنا وجود الإنسان مصاحباً لوجود الأخلاق»، ولعل هذه المقولة إذا نظرنا لها بعمق يمكننا أن نخرج منها حكمة بليغة وموجزة، وهي: «إننا دون الأخلاق نهبط لمستوى متدنٍ، ونبتعد جداً عن الإنسانية الصادقة العميقة»، فمن دون الأخلاق يحدث هبوط بليغ، حيث تنعدم قيم كثيرة، لن تجد الرحمة، ولا التسامح، وأيضاً ستبحث كثيراً عن الدفء في قلوب خالية من أعظم القيم. نحن بحاجة إلى أن نعمل دوماً، لنكون على مستوى عظيم من القيم الأخلاقية، قد ترتفع عند البعض، وتكون عالية، وقد تكون لدى آخرين متدنية أو متواضعة، لكننا نريدها موجودة دائماً.

Email