معاييرك العالية هي السبب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كثير من الأحيان لا يكون لنا الخيار في انتقاء الصحبة، ومن هو زميل سواء على مقاعد الدراسة أو في بيئة العمل، ومع هذا نندمج وتتكّون العلاقات الاجتماعية بعفويتها، ويتم بناء الصداقات والزمالات، وفي بعض الأحيان تكون راسخة قوية، وفي أحيان كثيرة واهنة مؤقتة، أو محكومة بطبيعة الرابط سواء أكان دراسة أم عملاً، أو أي مصلحة أخرى، وبمجرد انفكاك هذه المصلحة، تنفرط وتتلاشى هذه الزمالة ويحدث تباعد. في كثير من الأحيان تتم هذه الآلية بعفوية وببساطة ودون أي ترتيب، وكأن هناك اتفاقاً ضمنياً، على أن يتحمل كل طرف الآخر حتى تنتهي المصلحة التي تجمعهما.

ولعل هذا النوع من هذه العلاقات غير إنسانية، ولا تنم عن أي بعد أخلاقي، ولكنها ليست جريمة ولا هي خطأ، فالحياة تفرض علينا في كثير من الأحيان ألواناً من التعاملات وطرقاً وأساليب حتى وإن كنا لا نحبذها أو لا نريدها إلا أنها واقع بطريقة أو أخرى في حياتنا ولا فكاك من التملص أو التخلص منها.

العلاقات الإنسانية الاجتماعية، بين الناس تترابط وتتفكك بشكل يومي ولحظي، ومسببات هذا الترابط والتلاقي أو التلاشي والتفكك، متعددة ومتنوعة وهناك أسباب عامة كما توجد أسباب خاصة وشخصية تتعلق بكل طرف من أطراف هذه العلاقة. مثل هذه الحالة هي التي كونت الصعوبات والترتيب والتنظيم، بدلاً من العفوية والبساطة، هي من جعلتنا انتقائيين، ونحمل شروطاً داخل الذهن والعقل. أصبحت اختياراتنا للصاحب أكثر تزمتاً وصعوبة، ولها شروط ومتطلبات أكثر تعقيداً، حتى وإن لم نصرح بمثل هذه الحالة، إلا أنها تظهر على تصرفاتنا وفي أحاديثنا. ومن هنا تظهر الشكاوى المتعلقة بالصحب والرفقة، وأننا في زمن شحيح من الأصدقاء الأوفياء، لكن لا أحد ينتبه للمعايير العالية التي يضعها لانتقاء هذا الصاحب.

Email