العمل سهل والتفكير صعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتذمر البعض من العمل، يتضايق البعض من مهامه، بل هناك من يصاب بالملل من التكرار والروتين اليومي، والحقيقة أن العمل هو نتاج لمهمة أكثر مشقة من العمل نفسه، وهي عملية التفكير، وهذا يعني أن مختلف آليات العمل التي تقوم بها تم بناؤها على مخرجات تفكير شخص ما، ومن هنا ووفق هذه الآلية يمكنك التفكير ببدائل أو أن تقدم مقترحات جديدة أو تبتكر طرقاً غير مألوفة، ولكن جميعنا يعرف أن هذه عملية صعبة، وأن ما هو سهل أن نعمل بتلك الآلية التقليدية، إذن التوقف عن الملل أو التذمر والاستمرار في العمل المعتاد يكون خياراً صحيحاً للكثير منا، دون إشغال العقل بالتفكير والتحليل.

عندما أقول بأن عملية التفكير أصعب من العمل نفسه، فهذا يعود إلى أن التفكير عملية واسعة وطويلة، لا تعتمد على التأمل وحسب، بل تعتمد على المعلومات والمعرفة، التفكير هو البحث عن الحلول وابتكار للطرق الجديدة وتقديم إبداعات حديثة تتواكب مع التطور البشري، لذا يجب علينا وضع التفكير في سياق أعلى ومرتبة أكبر، وفي مجال يستحق الاهتمام والتدريب.

عندما أقول بأن التفكير عملية شاقة، لأن الدلائل على مثل هذه المشقة ماثلة وواضحة، فالسواد الأعظم لا يمنح التفكير الفرصة ولا يضعه في المكانة ولا الوقت الذي يستحقه، معظمنا يقوم بأداء ما هو بين يديه باعتيادية، وقلة هم المشغولين بالتفكير للتطوير والتحديث، توجد دلالة أخرى على قوة التفكير، تتعلق بالمنشغلين بالإبداع والابتكار وتوليد الأفكار الفريدة الجديدة، ستجدهم صفوة وقلة، بينما السواد الأعظم هم الموظفون الذين يعملون بروتين وبتلقائية وبتكرار، وينتظرون من تلك الصفوة أن تطور وتحدث آليات العمل. قبل نحو 215 عاماً تنبه لهذا الجانب الأديب والفيلسوف يوهان فولفغانغ فون، الذي عرف باسم غوته، حيث قال: العمل سهل والتفكير صعب.

Email