نحو ثقافة إسلامية متجددة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثقافة الإسلامية من وجهة نظر متجردة، ليست هي الأفضل وحسب، بل هي الأشمل كذلك. لا نقول هذا من باب العاطفة أو من باب الانتماء، بل نجزم أن الثقافة الإسلامية الأصيلة هي الأكثر صلة بالإنسان أياً كان دينه أو جنسه، وهذا ما يميزها ويفضلها عن باقي الأديان.

الإسلام مشتق من السلام وعماده الخير لجميع البشر. لم يكن ديناً خاصاً بفئة أو بجماعة أو بحقبة زمنية معينة، بل كان ديناً مكملاً لجميع مبادئ الأديان التي سبقته وهو الوعاء الرصين لكل مبادئ وقيم الإنسانية.

الثقافة الإسلامية تشتمل على كل ما يتعلق بالإنسان، فهي توضح في طياتها ما هي الوسائل والأساليب التي تمكن الإنسان ليس فقط من إتقان فن وكيفية التعامل مع الآخرين، بل إنها تذهب أبعد من ذلك، فثقافتنا الإسلامية الغراء تعلمنا جميعاً كيف يجب أن نتعامل مع بعضنا البعض برقي وبمروءة.

تشهد كتب التاريخ كيف كان تعامل المسلمون، حتى مع أعدائهم. وكيف كان المسلمون يتعاملون مع الأسرى بل وحتى مع الحجر والشجر. فالإسلام لم يكن ديناً يشجع الغزو والحروب على الإطلاق، بل كان يدعو للهداية وللطريق القويم. ونعرف كلنا كيف تعامل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع الطائفة اليهودية التي كانت تسكن في يثرب. وكيف أنه أمنهم في دورهم ومساكنهم وأعمالهم، بل وتعامل معهم بصفته الشخصية كفرد من مجتمع المدينة المنورة، وكذلك بصفته نبي رحمة وهداية ونورانية للعالم أجمع.

الثقافة الإسلامية بحاجة ماسة الآن لإعادة تعميمها على مختلف الشعوب والبلدان، فقد انحسر المد الإسلامي التثقيفي والتعليمي والإبداعي لصالح المد المتطرف والذي لا يمت للإسلام بصلة. حتى أصبحت للأسف الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين مشوهة حول العالم.

يجب علينا اتخاذ الخطوات الكفيلة، بإعادة تموضع الثقافة وإعادة قولبتها من الداخل والخارج، حتى يتم فرز الغث الذي تم إقحامه في صلب الثقافة، والسمين الذي ما زال يحافظ على جوهر الثقافة الإسلامية الحقيقية والأصيلة.

لحسن الحظ، فالإسلام بكينونيته وبمحتواه وبأبعاده الإنسانية أعظم من أن يمسه المتخرصون أو المتكالبون عليه، فهو دين عظيم وراسخ، بل إنه نهج حياة واضح وجلي، والمشكلة الأساسية ليست في الإسلام كدين، بل فيمن يستغلون الإسلام كواجهة لتحقيق أهدافهم المريبة.

الثقافة الإسلامية هي الرابط الذي سيجمع ويوحد بين شعوب العالم من خلال جسور التواصل والتعارف. ويجب علينا أن نبدأ نحن بالخطوة الأولى لرفع الأتربة عن أمهات الكتب والمعارف والأدب والشعر والرواية والعلوم التي كفلها وشجع عليها الإسلام، فديننا الحنيف هو دين الإبداع والجمال، ويدعو في كل وقت وعصر وزمن لضمان سعادة البشرية كلها دون استثناء. وستظل ثقافتنا الإسلامية راسخة رسوخ الجبال على مر العصور.

Email