العزلة الإيجابية

ت + ت - الحجم الطبيعي

النظرة العامة للعزلة والانعزال، وعدم التفاعل مع الناس، تنم عن حالة نفسية، لأن الأصل في الإنسان الاندماج والميل نحو الحياة الاجتماعية، فالإنسان كائن اجتماعي، وهذه غريزة في كل واحد منا، يميل دوماً للقاء الآخرين، نشأتنا تمت في أجواء أسرية، حياتنا الاجتماعية جزء من النمو السليم، لأن مفاصل الحياة التي نعيشها تعتمد كلياً على مثل تلك الاجتماعات واللقاءات، توجهنا نحو التعليم فوجدنا المدارس تكتظ بالأقران، ومنهم في نفس السن نتلقى نفس التعليم والواجبات والاستذكار، وإن أمعنا النظر نجد مختلف مراحل مسيرتنا الحياتية يطغى فيها الجانب الاجتماعي والاختلاط بالآخرين، وهذا ليس مثار استغراب ولا دهشة، بل جزء من روتين اعتيادي من حياتنا، الأسواق التي نتوجه إليها مكتظة بالناس، الوظيفة التي نقضي فيها يومياً نحو 8 ساعات مزدحمة.

من هنا تظهر قيمة العزلة، في جانبها الإيجابي، العزلة التي تسمح لنا بالهدوء النفسي، والابتعاد عن الضوضاء والصخب الذي يشتت التفكير، وعندما نقول العزلة الإيجابية، أقصد المفيدة خاصة عند مراجعة قراراتنا الحياتية، عند التوقف والتقاط الأنفاس كما يقال، التفكير في الأخطاء التي ارتكبت وتلك القرارات التي كانت صحيحة، للعزلة الإيجابية، فوائد جمة تسمح لنا بإعادة ترتيب الأولويات الحياتية، وتوضح لنا الصورة كاملة حول ما ينقصنا وما نحتاجه، وكأنها تشحن النفس والروح بالمزيد من الحماس والاندفاع نحو السعادة، ونحو الاندماج الصحيح والتفاعل السليم مع الآخرين.

نحتاج بين وقت وآخر لمثل هذه العزلة التي من خلالها نسمح للعقل بالهدوء والسكينة والتركيز، هذا الهدوء تحتاجه النفس في كل مرحلة وبعد كل عاصفة تمر بها. نحتاج العزلة الانتقائية الاختيارية بين وقت وآخر، لشحن النفس بالطاقة وتلمس المعرفة التي نحتاجها لنركز عليها، وللتأكد إن كنا على الطريق الصحيح.

Email