هدف طويل المدى

ت + ت - الحجم الطبيعي

مر الخليفة عمر بن الخطاب ذات يوم في بعض طرقات المدينة المنورة التي كان يلعب فيها بعض الصغار، وما إن رأوه حتى أسرعوا هاربين بعيداً إلا صبياً واحداً وقف ولم يتحرك أبداً، فوقف بجانبه وحياه بلطف ثم سأله: جميع الصبيان هربوا لماذا لم تفعل مثلهم؟

فرد عليه بكل أدب: الطريق ليست ضيقة فأوسعها لك ولم أكن مذنباً يا أمير المؤمنين حتى أخافك. فأثنى عمر بن الخطاب على سلوكه وتمنى لو كان بقية الأطفال مثله. سلوك هذا الصبي أكبر دليل على قوة تأكيده لذاته لأنه لم يتردد في الإفصاح عن مشاعره الحقيقية.

تأكيد الذات هو قدرة الإنسان على التعبير الملائم عن مشاعره وأفكاره تجاه الأشخاص والمواقف والمطالبة بحقوقه ومن دون أي تردد.

للأسف اليوم يجد البعض صعوبة كبيرة في التعبير عما يشعرون به وذلك لأنهم لم يتعلموا كيفية تأكيد الذات منذ الصغر ولذا يبلغون سن الرشد وهم غير قادرين على إظهار المشاعر والتعبير عنها بكل شفافية.

الطفل منذ صغره يبدي استعداداً للاستقلالية والتعبير عن أفكاره ومشاعره، ولكن بعض أولياء الأمور يقومون باختيار نوع القصص والألعاب، وحينما يعاني الطفل مشكلة مع زملائه في المدرسة يبادرون بحلها من دون إتاحة الفرصة للطفل لحل مشكلاته البسيطة بنفسه فيكبر ولديه ضعف كبير في تأكيد الذات.

إذاً لا بد من جعل تأكيد الذات عند الطفل هدفاً طويل المدى، وذلك من خلال دعم أفكاره البسيطة ولو كانت تبدو غير منطقية، وتقبل الأخطاء ومناقشة سبل حلها معه، والحرص على تجنب المقارنات ومشاركة إنجازاته والتحدث عنها بكل فخر أمامه.

من حق الأطفال أن يكونوا قادرين على التعبير بحرية عن حاجاتهم ومشاعرهم وأفكارهم، فيتمكنوا بذلك من المضي قدماً بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافهم وطموحاتهم في المستقبل.

Email